أو كفرهم، ومثله قوله تعالى :﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ [الكهف : ٦] الآية. وقال :﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء : ٣]. ومذهب مجاهد وقتادة أن الحرج هنا الشك، وليس هذا شك الكفر إنما هو شك الضيق. وكذلك قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾ [الحجر : ٩٧]. وقيل : الخطاب للنبي ﷺ والمراد أمته. وفيه بعد. والهاء في﴿مِنْهُ﴾للقرآن. وقيل : للإنذار ؛ أي أنزل إليك الكتاب لتنذر به فلا يكن في صدرك حرج منه. فالكلام فيه تقديم وتأخير. وقيل للتكذيب الذي يعطيه قوة الكلام. أي فلا يكن في صدرك ضيق من تكذيب المكذبين له.
الثانية : قوله تعالى :﴿وَذِكْرَى﴾ يجوز أن يكون في موضع رفع ونصب وخفض. فالرفع من وجهين ؛ قال البصريون : هي رفع على إضمار مبتدأ. وقال الكسائي : عطف على ﴿كِتَابٌ﴾ والنصب من وجهين ؛ على المصدر ؛ أي وذكر به ذكرى ؛ قال البصريون. وقال الكسائي : عطف على الهاء في ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾. والخفض حملا على موضع ﴿لِتُنْذِرَ بِهِ﴾ والإنذار للكافرين، والذكرى للمؤمنين ؛ لأنهم المنتفعون به.
الآية : ٣ ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ﴾
فيه مسألتان :-
الأولى : قوله تعالى :﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ يعني الكتاب والسنة. قال الله تعالى :﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الحشر : ٧]. وقالت فرقة : هذا أمر يعم النبي ﷺ وأمته. والظاهر أنه أمر لجميع الناس دونه. أي اتبعوا ملة الإسلام والقرآن، وأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وامتثلوا أمره، واجتنبوا نهيه. ودلت الآية على ترك اتباع الآراء مع وجود النص.