ويجوز أن تكون الدعوى رفعا، و ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ نصبا ؛ كقوله تعالى :﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا﴾ [البقرة : ١٧٧] برفع ﴿الْبِرّ﴾ وقوله :﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا﴾ [الروم : ١٠] برفع "عاقبة".
الآيتان : ٦ - ٧ ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ، فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾
قوله تعالى :﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾ دليل على أن الكفار يحاسبون. وفي التنزيل ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية : ٢٦]. وفي سورة القصص ﴿وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص : ٧٨] يعني إذا استقروا في العذاب. والآخرة مواطن : موطن يسألون فيه للحساب. وموطن لا يسألون فيه. وسؤالهم تقرير وتوبيخ وإفضاح. وسؤال الرسل سؤال استشهاد بهم وإفصاح ؛ أي عن جواب القوم لهم. وهو معنى قوله :﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ﴾ [الأحزاب : ٨] على ما يأتي. وقيل : المعنى ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾ أي الأنبياء ﴿وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾ أي الملائكة الذين أرسلوا إليهم. واللام في ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ﴾ لام القسم وحقيقتها التوكيد. وكذا ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ﴾. قال ابن عباس : ينطق عليهم. ﴿وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾ أي كنا شاهدين لأعمالهم. ودلت الآية على أن الله تعالى عالم بعلم.
الآية : ٨ - ٩ ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ﴾
قوله تعالى :﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ﴾ ابتداء وخبر. ويجوز أن يكون ﴿الْحَقُّ﴾نعته، والخبر ﴿يَوْمَئِذٍ﴾. ويجوز نصب ﴿الْحَقُّ﴾على المصدر. والمراد بالوزن وزن أعمال العباد