الآية : ٢٦ ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾
قوله تعالى :﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً﴾ قال كثير من العلماء : هذه الآية دليل على وجوب ستر العورة ؛ لأنه قال :﴿يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾. وقال قوم إنه ليس فيها دليل على ما ذكروه، بل فيها دلالة على الإنعام فقط.
قلت : القول الأول أصح. ومن جملة الإنعام ستر العورة ؛ فبين أنه سبحانه وتعالى جعل لذريته ما يسترون به عوراتهم، ودل على الأمر بالستر. ولا خلاف بين العلماء في وجوب ستر العورة عن أعين الناس. واختلفوا في العورة ما هي ؟ فقال ابن أبي ذئب : هي من الرجل الفرج نفسه، القبل والدبر دون غيرهما. وهو قول داود وأهل الظاهر وابن أبي عبلة والطبري ؛ لقوله تعالى :﴿لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾، ﴿بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا﴾ [الأعراف : ٢٢]، ﴿لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾ [الأعراف : ٢٧]. وفي البخاري عن أنس :"فأجرى رسول الله ﷺ في زقاق خيبر - وفيه - ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم". وقال مالك : السرة ليست بعورة، وأكره للرجل أن يكشف فخذه بحضرة زوجته. وقال أبو حنيفة : الركبة عورة. وهو قول عطاء. وقال الشافعي : ليست السرة ولا الركبتان من العورة على الصحيح. وحكى أبو حامد الترمذي أن للشافعي في السرة قولين. وحجة مالك قوله عليه السلام لجرهد :"غط فخذك فإن الفخذ عورة". خرجه البخاري تعليقا وقال : حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافهم. وحديث جرهد هذا


الصفحة التالية
Icon