عقابه وانتقامه من الكافرين ونصره للمؤمنين وما حكم به وقدره من أفعاله. ومن ذلك قوله تعالى :﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا﴾ [هود : ٤٠] وقال عز وجل :﴿وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ﴾ [هود : ٩٧] يعني به شأنه وأفعال وطرائقه. قال الشاعر :
لها أمرها حتى إذا ما تبوأت | بأخفافها مرعى تبوأ مضجعا |
قوله تعالى :﴿تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ ﴿تَبَارَكَ﴾ تفاعل، من البركة وهي الكثرة والاتساع. يقال : بورك الشيء وبورك فيه ؛ قال ابن عرفة. وقال الأزهري :"تبارك" تعالى وتعاظم وارتفع. وقيل : إن باسمه يتبرك ويتيمن. وقد مضى في الفاتحة معنى ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة، ١].
الآية : ٥٥ ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾
فيه ثلاث مسائل :-
الأولى : قوله تعالى :﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ﴾ هذا أمر بالدعاء وتعبد به. ثم قرن جل وعز بالأمر صفات تحسن معه، وهي الخشوع والاستكانة والتضرع. ومعنى ﴿خُفْيَةً﴾ أي سرا في النفس ليبعد عن الرياء ؛ وبذلك أثنى على نبيه زكريا عليه السلام إذ قال مخبرا عنه :﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً﴾ [مريم : ٣]. ونحوه قول النبي ﷺ :"خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي". والشريعة مقررة أن السر فيما لم يعترض من أعمال البر أعظم أجرا من الجهر.