قوله تعالى :﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ﴾ مجادلتهم : قولهم لما ندبهم إلى العير وفات العير وأمرهم بالقتال ولم يكن معهم كبير أهبة شق ذلك عليهم وقالوا : لو أخبرتنا بالقتال لأخذنا العدة. ومعنى ﴿فِي الْحَقِّ﴾ أي في القتال. ﴿بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ﴾ لهم أنك لا تأمر بشيء إلا بإذن الله. وقيل : بعد ما تبين لهم أن الله وعدهم إما الظفر بالعير أو بأهل مكة، وإذ فات العير فلا بد من أهل مكة والظفر بهم. فمعنى الكلام الإنكار لمجادلتهم. ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ﴾ كراهة للقاء القوم. ﴿وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾ أي يعلمون أن ذلك واقع بهم ؛ قال الله تعالى :﴿يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ [النبأ : ٤٠] أي يعلم.
الآيتان : ٧ - ٨ ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ، لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾
قوله تعالى :﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ﴾﴿ إِحْدَى﴾في موضع نصب مفعول ثان. ﴿أَنَّهَا لَكُمْ﴾ في موضع نصب أيضا بدلا من ﴿إِحْدَى﴾. ﴿وَتَوَدُّونَ﴾ أي تحبون ﴿أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾ قال أبو عبيدة : أي غير ذات الحد. والشوكة : السلاح. والشوك : النبت الذي له حد ؛ ومنه رجل شائك السلاح، أي حديد السلاح. ثم يقلب فيقال : شاكي السلاح. أي تودون أن تظفروا بالطائفة التي ليس معها سلاح ولا فيها حرب ؛ عن الزجاج. ﴿وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ﴾ أي أن يظهر الإسلام. والحق حق أبدا، ولكن إظهاره تحقيق له من حيث إنه إذا لم يظهر أشبه الباطل. ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾ أي بوعده ؛ فإنه وعد نبيه ذلك في سورة "الدخان" فقال :﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ [الدخان : ١٦] أي من أبي جهل وأصحابه. وقال :﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾. [التوبة : ٣٣]. وقيل :﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾ أي