قوله تعالى :﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ﴾ العامل في "إذ، يثبت" أي يثبت به الأقدام ذلك الوقت. وقيل : العامل ﴿لِيربط﴾ أي وليربط إذ يوحي. وقد يكون التقدير : اذكر ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ﴾ في موضع نصب، والمعنى : بأني معكم، أي بالنصر والمعونة. ﴿مَعَكُمْ﴾ بفتح العين ظرف، ومن أسكنها فهي عنده حرف. ﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي بشروهم بالنصر أو القتال معهم أو الحضور معهم من غير قتال ؛ فكان الملك يسير أمام الصف في، صورة الرجل ويقول : سيروا فإن الله ناصركم. ويظن المسلمون أنه منهم ؛ وقد تقدم في "آل عمران" أن الملائكة قاتلت ذلك اليوم. فكانوا يرون رؤوسا تندر عن الأعناق من غير ضارب يرونه. وسمع بعضهم قائلا يسمع قوله ولا يرى شخصه : أقدم حيزوم. وقيل : كان هذا التثبيت ذكر رسول الله ﷺ للمؤمنين نزول الملائكة مددا.
قوله تعالى :﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ تقدم في آل عمران بيانه. ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ﴾ هذا أمر للملائكة. وقيل : للمؤمنين، أي اضربوا الأعناق، و﴿فَوْقَ﴾زائدة ؛ قاله الأخفش والضحاك وعطية. وقد روى المسعودي قال قال رسول الله ﷺ :"إني لم أبعث لأعذب بعذاب الله وإنما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق". وقال محمد بن يزيد : هذا خطأ ؛ لأن "فوق" تفيد معنى فلا يجوز زيادتها، ولكن المعنى أنهم أبيح لهم ضرب الوجوه وما قرب منها. وقال ابن عباس : كل هام وجمجمة. وقيل : أي ما فوق الأعناق، وهو الرؤوس ؛ قال عكرمة. والضرب على الرأس أبلغ ؛ لأن أدنى شيء يؤثر في الدماغ. وقد مضى شيء من هذا المعنى في "النساء" وأن ﴿فَوْقَ﴾ليست بزائدة، عند قوله :﴿فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾. ﴿وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ قال الزجاج : واحد البنان بنانة، وهي هنا الأصابع وغيرها من الأعضاء. والبنان مشتق من


الصفحة التالية
Icon