وعقله حتى لا يدري ما يصنع. وفي التنزيل :﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ [ق : ٣٧] أي عقل. وقيل : يحول بينه وبينه بالموت، فلا يمكنه استدراك ما فات. وقيل : خاف المسلمون يوم بدر كثرة العدو فأعلمهم الله أنه يحول بين المرء وقلبه بأن يبدلهم بعد الخوف أمنا، ويبدل عدوهم من الأمن خوفا. وقيل : المعنى يقلب الأمور من حال إلى حال ؛ وهذا جامع. واختيار الطبري أن يكون ذلك إخبارا من الله عز وجل بأنه أملك لقلوب العباد منهم، وأنه يحول بينهم وبينها إذا شاء ؛ حتى لا يدرك الإنسان شيئا إلا بمشيئة الله عز وجل. ﴿وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ عطف. قال الفراء : ولو استأنفت فكسرت، ﴿وَأَنَّهُ﴾ كان صوابا.
الآية : ٢٥ ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾
فيه مسألتان :-
الأولى : قال ابن عباس : أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب. وكذلك تأول فيها الزبير بن العوام فإنه قال يوم الجمل، وكان سنة ست وثلاثين : ما علمت أنا أردنا بهذه الآية إلا اليوم، وما كنت أظنها إلا فيمن خوطب ذلك الوقت. وكذلك تأول الحسن البصري والسدي وغيرهما. قال السدي : نزلت الآية في أهل بدر خاصة ؛ فأصابتهم الفتنة يوم الجمل فاقتتلوا. وقال ابن عباس رضي الله عنه : نزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله ﷺ : وقال : أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر فيما بينهم فيعمهم الله بالعذاب. وعن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله ﷺ :"يكون بين ناس من أصحابي فتنة يغفرها الله لهم بصحبتهم إياي يستن بهم فيها ناس بعدهم يدخلهم الله بها الناس".
قلت : وهذه التأويلات هي التي تعضدها الأحاديث الصحيحة ؛ ففي صحيح مسلم عن زينب بنت جحش أنها سألت رسول الله ﷺ فقالت له : يا رسول الله، أنهلك وفينا


الصفحة التالية
Icon