لما قال أبو جهل :﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ الآية، نزلت ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ كذا في صحيح مسلم. وقال ابن عباس : لم يعذب أهل قرية حتى يخرج النبي ﷺ منها والمؤمنون ؛ يلحقوا بحيث أمروا. ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ابن عباس : كانوا يقولون في الطواف : غفرانك. والاستغفار وإن وقع من الفجار يدفع به ضرب من الشرور والإضرار. وقيل : إن الاستغفار راجع إلى المسلمين الذين هم بين أظهرهم. أي وما كان الله معذبهم وفيهم من يستغفر من المسلمين ؛ فلما خرجوا عذبهم الله يوم بدر وغيره ؛. قاله الضحاك وغيره. وقيل : إن الاستغفار هنا يراد به الإسلام. أي ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ أي يسلمون ؛ قاله مجاهد وعكرمة. وقيل :﴿وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ أي في أصلابهم من يستغفر الله. روي عن مجاهد أيضا. وقيل : معنى ﴿يَسْتَغْفِرُونَ﴾ لو استغفروا. أي لو استغفروا لم يعذبوا. استدعاهم إلى الاستغفار ؛ قاله قتادة وابن زيد. وقال المدائني عن بعض العلماء قال : كان رجل من العرب في زمن النبي ﷺ مسرفا على نفسه، لم يكن يتحرج ؛ فلما أن توفي النبي ﷺ لبس الصوف ورجع عما كان عليه، وأظهر الدين والنسك. فقيل له : لو فعلت هذا والنبي ﷺ حي لفرح بك. قال : كان لي أمانان، فمضى واحد وبقي الآخر ؛ قال الله تبارك وتعالى :{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ " فهذا أمان. والثاني ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾.
الآية : ٣٤ ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾
قوله تعالى :﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ المعنى : وما يمنعهم من أن يعذبوا. أي إنهم مستحقون العذاب لما ارتكبوا من القبائح والأسباب، ولكن لكل أجل كتاب ؛ فعذبهم الله


الصفحة التالية
Icon