كثير من الولاة والحكام. وقوله :﴿بِالْبَاطِلِ﴾ يجمع ذلك كله. ﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي يمنعون أهل دينهم عن الدخول في دين الإسلام، واتباع محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى :﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ الكنز أصله في اللغة الضم والجمع ولا يختص ذلك بالذهب والفضة. ألا ترى قوله عليه السلام :"ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة". أي يضمه لنفسه ويجمعه. قال :
ولم تزود من جميع الكنز... غير خيوط ورثيث بز
وقال آخر :
لا درَّ درّي إن أطعمت جائعهم... قِرْف الحتيِّ وعندي البر مكنوز
قرف الحتي هو سويق المقل. يقول : إنه نزل بقوم فكان قراه عندهم سويق المقل، وهو الحتي، فلما نزلوا به قال هو : لا در دري... البيت. وخص الذهب والفضة بالذكر لأنه مما لا يطلع عليه، بخلاف سائر الأموال. قال الطبري : الكنز كل شيء مجموع بعضه إلى بعض، في بطن الأرض كان أو على ظهرها. وسمي الذهب ذهبا لأنه يذهب، والفضة لأنها تنفض فتتفرق، ومنه قوله تعالى :﴿انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة : ١١] – ﴿انْفَضُّواإليها - لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران : ١٥٩] وقد مضى هذا المعنى في "آل عمران".
الثالثة : واختلف الصحابة في المراد بهذه الآية، فذهب معاوية إلى أن المراد بها أهل الكتاب وإليه ذهب الأصم لأن قوله :﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ﴾ مذكور بعد قوله :﴿إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾. وقال أبو ذر وغيره : المراد بها أهل الكتاب وغيرهم من المسلمين. وهو الصحيح، لأنه لو أراد أهل الكتاب خاصة لقال : ويكنزون، بغير والذين. فلما قال :﴿وَالَّذِينَ﴾ فقد استأنف معنى آخر يبين أنه عطف جملة على جملة. فالذين يكنزون كلام مستأنف، وهو رفع على الابتداء. قال السدي : عنى أهل القبلة. فهذه ثلاثة أقوال. وعلى قول الصحابة فيه دليل على أن الكفار عندهم


الصفحة التالية
Icon