قوله تعالى :﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ تقدم في الأعراف. ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْر﴾ قال مجاهد : يقضيه ويقدره وحده. ابن عباس : لا يشركه في تدبير خلقه أحد. وقيل : يبعث بالأمر. وقيل : ينزل به. وقيل : يأمر به ويمضيه ؛ والمعنى متقارب. فجبريل للوحي، وميكائيل للقطر، وإسرافيل للصور، وعزرائيل للقبض. وحقيقته تنزيل الأمور في عواقبها، واشتقاقه من الدبر. والأمر اسم لجنس الأمور. ﴿مَا مِنْ شَفِيعٍ﴾ في موضع رفع، والمعنى ما شفيع ﴿إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ﴾ وقد تقدم في "البقرة" معنى الشفاعة. فلا يشفع أحد نبي ولا غيره إلا بإذنه سبحانه، وهذا رد على الكفار في قولهم فيما عبدوه من دون الله :﴿هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس : ١٨] فأعلمهم الله أن أحدا لا يشفع لأحد إلا بإذنه، فكيف بشفاعة أصنام لا تعقل.
قوله تعالى :﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ﴾ أي ذلكم الذي فعل هذه الأشياء من خلق السموات والأرض هو ربكم لا رب لكم غيره. ﴿فَاعْبُدُوهُ﴾ أي وحدوه وأخلصوا له العبادة. ﴿أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ أي أنها مخلوقاته فتستدلوا بها عليه.
الآية : ٤ ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾
قوله تعالى :﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ رفع بالابتداء. ﴿جَمِيعاً﴾نصب على الحال. ومعنى الرجوع إلى الله الرجوع إلى أجزائه. ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً﴾ مصدران ؛ أي وعد الله ذلك وعدا وحققه ﴿حَقّاً﴾ صدقا لا خلف فيه. وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة ﴿وَعْدَ الله حَقًّا﴾ على الاستئناف.


الصفحة التالية
Icon