وقيل : أراد والله يدعو إلى دار التحية ؛ لأن أهلها ينالون من الله التحية والسلام، وكذلك من الملائكة. قال الحسن : إن السلام لا ينقطع، عن أهل الجنة، وهو تحيتهم ؛ كما قال :﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ﴾ [يونس : ١٠]. وقال يحيى بن معاذ : يا ابن آدم، دعاك الله إلى دار السلام فانظر من أين تجيبه، فإن أجبته من دنياك دخلتها، وإن أجبته من قبرك منعتها. وقال ابن عباس : الجنان سبع : دار الجلال، ودار السلام، وجنة عدن، وجنة المأوى، وجنة الخلد، وجنة الفردوس، وجنة النعيم.
قوله تعالى :﴿وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ عم بالدعوة إظهارا لحجته، وخص بالهداية استغناء عن خلقه. والصراط المستقيم، قيل : كتاب الله ؛ رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :"الصراط المستقيم كتاب الله تعالى". وقيل : الإسلام ؛ رواه النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل : الحق ؛ قاله قتادة ومجاهد. وقيل : رسول الله ﷺ وصاحباه من بعده أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. وروى جابر بن عبدالله قال : خرج رسول الله ﷺ يوما فقال :"رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه اضرب له مثلا فقال له اسمع سمعت أذناك واعقل عقل قلبك وإنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه فالله الملك والدار الإسلام والبيت الجنة وأنت يا محمد الرسول فمن أجابك دخل في الإسلام ومن دخل في الإسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل مما فيها" ثم تلا يعني رسول الله ﷺ ﴿وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. ثم تلا قتادة ومجاهد :﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ﴾. وهذه الآية بينة الحجة في الرد على القدرية ؛ لأنهم قالوا : هدى الله الخلق كلهم إلى صراط مستقيم، والله قال :﴿وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ فردوا على الله نصوص القرآن.


الصفحة التالية
Icon