أنه قرأ ﴿فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا﴾ بالتاء ؛ وهي قراءة يزيد بن القعقاع ويعقوب وغيرهما ؛ وفي الحديث "لتأخذوا مصافكم". والفرح لذة في القلب بإدراك المحبوب. وقد ذم الفرج في مواضع ؛ كقوله :﴿لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ [القصص : ٧٦] وقوله :﴿إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ [هود : ١٠] ولكنه مطلق. فإذا قيد الفرح لم يكن ذما ؛ لقوله :﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [آل عمران : ١٧٠] وههنا قال تبارك وتعالى :﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ أي بالقرآن والإسلام فليفرحوا ؛ فقيد. قال هارون : وفي حرف أبي ﴿فبِذلِك فافرحوا﴾. قال النحاس : سبيل الأمر أن يكون باللام ليكون معه حرف جازم كما أن مع النهي حرفا ؛ إلا أنهم يحذفون، من الأمر للمخاطب استغناء بمخاطبته، وربما جاؤوا به على الأصل ؛ منه ﴿فبذلك فلتفرحوا﴾. ﴿هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ يعني في الدنيا. وقراءة العامة بالياء في الفعلين ؛ وروي عن ابن عامر أنه قرأ ﴿فَلْيَفْرَحُوا﴾ بالياء ﴿تجمعون﴾ بالتاء خطابا للكافرين. وروي عن الحسن أنه قرأ بالتاء في الأول ؛ و﴿يَجْمَعُونَ﴾ بالياء على العكس. وروى أبان عن أنس أن النبي ﷺ قال :"من هداه الله للإسلام وعلمه القرآن ثم شكا الفاقة كتب الله الفقر بين عينيه إلى يوم يلقاه ثم تلا ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾.
الآية : ٥٩ ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾
فيه مسألتان :-
الأولى : قوله تعالى :﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ يخاطب كفار مكة. ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ﴾ ﴿مَا﴾ في موضع نصب بـ ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾. وقال الزجاج : في موضع نصب بـ ﴿أَنْزَلَ﴾. و﴿أَنْزَلَ﴾بمعنى خالق ؛ كما قال :﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزمر : ٦]. {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ


الصفحة التالية
Icon