قوله تعالى :﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾ ﴿مَا﴾ للجحد ؛ أي لست في شأن، يعني من عبادة أو غيرها إلا والرب مطلع عليك. والشأن الخطب، والأمر، وجمعه شؤون. قال الأخفش : تقول العرب ما شانت شأنه، أي ما عملت عمله. ﴿وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ﴾ قال الفراء والزجاج : الهاء في ﴿مِنْهُ﴾ تعود على الشأن، أي تحدث شأنا فيتلى من أجله القرآن فيعلم كيف حكمه، أو ينزل فيه قرآن فيتلى. وقال الطبري :﴿مِنْهُ﴾ أي من كتاب الله تعالى. ﴿مِنْ قُرْآنٍ﴾ أعاد تفخيما ؛ كقوله :﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ﴾ [القصص : ٣٠]. ﴿وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ﴾ يخاطب النبي ﷺ والأمة. وقوله :﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾ خطاب له والمراد هو وأمته ؛ وقد يخاطب الرسول والمراد هو وأتباعه. وقيل : المراد كفار قريش. ﴿إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً﴾ أي نعلمه ؛ ونظيره ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ [المجادلة : ٤] ﴿إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ أي تأخذون فيه، والهاء عائدة على العمل ؛ يقال : أفاض فلان في الحديث والعمل إذا اندفع فيه. قال الراعي :
فأفضن بعد كظومهن بجرة | من ذي الأباطح إذ رعين حقيلا |