قوله تعالى :﴿وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ أي من الموحدين المستسلمين بالانقياد والطاعة.
الآية : ٩١ ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾
قيل : هو من قول الله تعالى. وميل : هو من قول جبريل. وقيل : ميكائيل، صلوات الله عليهما، أو غيرهما من الملائكة له صلوات الله عليهم. وقيل : هو من قول فرعون في نفسه، ولم يكن ثم قول اللسان بل وقع ذلك في قلبه فقال في نفسه ما قال : حيث لم تنفعه الندامة ؛ ونظيره. ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ [الإنسان : ٩] أثنى عليهم الرب بما في ضميرهم لا أنهم قالوا ذلك بلفظهم، والكلام الحقيقي كلام القلب.
الآية : ٩٢ ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾
قوله تعالى :﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾ أي نلقيك على نجوة من الأرض. وذلك أن بني إسرائيل لم يصدقوا أن فرعون غرق، وقالوا : هو أعظم شأنا من ذلك، فألقاه الله على نجوة من الأرض، أي مكان مرتفع من البحر حتى شاهدوه قال أوس بن حجر يصف مطرا :

فمن بعقوته كمن بنجوته والمستكن كمن يمشي بقرواح
وقرأ اليزيدي وابن السميقع ﴿ننحّيك﴾ بالحاء من التنحية، وحكاها علقمة عن ابن مسعود ؛ أي تكون على ناحية من البحر. قال ابن جريج : فرمي به على ساحل البحر حتى رآه بنو إسرائيل، وكان قصيرا أحمر كأنه ثور. وحكى علقمة عن عبدالله أنه قرأ ﴿بندائك﴾ من النداء. قال أبو بكر الأنباري : وليس بمخالف لهجاء مصحفنا، إذ سبيله أن يكتب بياء وكاف بعد الدال ؛ لأن الألف تسقط من ندائك في ترتيب خط المصحف كما سقط من الظلمات والسماوات، فإذا وقع بها الحذف استوى هجاء بدنك وندائك، على أن هذه القراءة مرغوب عنها لشذوذها وخلافها ما عليه عامة المسلمين ؛ والقراءة سنة يأخذها آخر عن أول، وفي معناها نقص عن


الصفحة التالية
Icon