وفي يوم عرفة وفي يوم النحر عند انقضاء خطبة أبي بكر في الثلاثة الأيام. فلما كان يوم النفر الأول قام أبو بكر فخطب الناس، فحدثهم كيف ينفرون وكيف يرمون، يعلمهم مناسكهم. فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس [براءة] حتى ختمها. وقال سليمان بن موسى : لما خطب أبو بكر بعرفة قال قم يا علي فأد رسالة رسول الله ﷺ، فقام علي ففعل. قال : ثم وقع في نفسي أن جميع الناس لم يشاهدوا خطبة أبي بكر، فجعلت أتتبع الفساطيط يوم النحر. وروى الترمذي عن زيد بن يثيع قال : سألت عليا بأي شيء بعثت في الحج ؟ قال : بعثت بأربع : ألا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي ﷺ عهد فهو إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا. قال : هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي وقال : فكنت أنادي حتى صحل صوتي. قال أبو عمر : بعث علي لينبذ إلى كل ذي عهد عهده، ويعهد إليهم ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. وأقام الحج في ذلك العام سنة تسع أبو بكر. ثم حج رسول الله ﷺ من قابل حجته التي لم يحج غيرها من المدينة، فوقعت حجته في ذي الحجة فقال :"إن الزمان قد استدار..." الحديث، على ما يأتي في آية النسيء بيانه. وثبت الحج في ذي الحجة إلى يوم القيامة. وذكر مجاهد : أن أبا بكر حج في ذي القعدة من سنة تسع. ابن العربي : وكانت الحكمة في إعطاء [براءة] لعلي أن براءة تضمنت نقض العهد الذي كان عقده النبي ﷺ، وكانت سيرة العرب ألا يحل العقد إلا الذي عقده أو رجل من أهل بيته، فأراد النبي ﷺ أن يقطع ألسنة العرب بالحجة، ويرسل ابن عمه الهاشمي من بيته ينقض العهد، حتى لا يبقى لهم متكلم. قال معناه الزجاج.
الثالثة : قال العلماء : وتضمنت الآية جواز قطع العهد بيننا وبين المشركين. ولذلك حالتان : حالة تنقضي المدة بيننا وبينهم فنؤذنهم بالحرب. والإيذان اختيار.