أبيه. ﴿رَأَيْتُهُمْ﴾ توكيد. وقال :﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ فجاء مذكرا ؛ فالقول عند الخليل وسيبويه أنه لما أخبر عن هذه الأشياء بالطاعة والسجود وهما من أفعال من يعقل أخبر عنها كما يخبر عمن يعقل. وقد تقدم هذا المعنى في قوله :﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ [الأعراف : ١٩٨]. والعرب تجمع ما لا يعقل جمع من يعقل إذا أنزلوه منزلته، وإن كان خارجا عن الأصل.
الآية : ٥ ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾
فيه إحدى عشرة مسألة :-
الأولى :- قوله تعالى :﴿فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً﴾ أي يحتالوا في هلاكك ؛ لأن تأويلها ظاهر ؛ فربما يحملهم الشيطان على قصدك بسوء حينئذ. واللام في "لك" تأكيد. كقوله :﴿إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ﴾ [يوسف : ٤٣].
الثانية :- الرؤيا حالة شريفة، ومنزلة رفيعة، قال ﷺ :"لم يبق بعدي من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة الصادقة يراها الرجل الصالح أو ترى له". وقال :"أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا". وحكم ﷺ بأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، وروي "من سبعين جزءا من النبوة". وروي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما "جزءا من أربعين جزءا من النبوة". ومن حديث ابن عمر "جزء من تسعة وأربعين جزءا". ومن حديث العباس "جزء من خمسين جزءا من النبوة". ومن حديث أنس "من ستة وعشرين". وعن عبادة بن الصامت "من أربعة وأربعين من النبوة". والصحيح منها حديث الستة والأربعين، ويتلوه في الصحة حديث السبعين ؛ ولم يخرج مسلم في صحيحه غير هذين الحديثين، أما سائرها فمن أحاديث الشيوخ ؛ قاله ابن بطال. قال أبو عبدالله المازري : والأكثر والأصح عند أهل الحديث "من ستة وأربعين". قال الطبري : والصواب أن