شكا إلي جملي طول السرى | صبرا جميلا فكلانا مبتلى |
قال ابن أبي رفاعة : ينبغي لأهل الرأي أن يتهموا رأيهم عند ظن يعقوب ﷺ وهو نبي ؛ حين قال له بنوه :﴿إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ قال :﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ فأصاب هنا، ثم قالوا له :﴿إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾ [يوسف : ٨١] قال :﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً﴾ فلم يصب.
١٩ - ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾
قوله تعالى :﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ﴾ أي رفقة مارة يسيرون من الشام إلى مصر فأخطؤوا الطريق وهاموا حتى نزلوا قريبا من الجب، وكان الجب في قفرة بعيدة من العمران، إنما هو للرعاة والمجتاز، وكان ماؤه ملحا فعذب حين ألقي فيه يوسف. ﴿فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ﴾ فذكر على المعنى ؛ ولو قال : فأرسلت واردها لكان على اللفظ، مثل "وجاءت". والوارد الذي يرد الماء يستقي للقوم ؛ وكان اسمه - فيما ذكر المفسرون - مالك بن دعر،