وزعم أبو عبيد أنه لا واحد له من لفظه عند العرب ؛ ومعناه استكمال القوة ثم يكون النقصان بعد. وقال مجاهد وقتادة : الأشد ثلاث وثلاثون سنة. وقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك بن أنس : الأشد بلوغ الحلم ؛ وقد مضى ما للعلماء في هذا في "النساء" و"الأنعام" مستوفى. ﴿آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً﴾ قيل : جعلناه المستولي على الحكم، فكان يحكم في سلطان الملك ؛ أي وآتيناه علما بالحكم. وقال مجاهد : العقل والفهم والنبوة. وقيل : الحكم النبوة، والعلم علم الدين ؛ وقيل : علم الرؤيا ؛ ومن قال : أوتي النبوة صبيا قال : لما بلغ أشده زدناه فهما وعلما. ﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ يعني المؤمنين. وقيل : الصابرين على النوائب كما صبر يوسف ؛ قاله الضحاك. وقال الطبري : هذا وإن كان مخرجه ظاهرا على كل محسن فالمراد به محمد ﷺ ؛ يقول الله تعالى : كما فعلت هذا بيوسف بعد أن قاسى ما قاسى ثم أعطيته ما أعطيته، كذلك أنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة، وأمكن لك في الأرض.
٢٣ - ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾
٢٤ - ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾
قوله تعالى :﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ﴾ وهي امرأة العزيز، طلبت منه أن يواقعها. وأصل المراودة الإرادة والطلب برفق ولين. والرود والرياد طلب الكلأ ؛ وقيل : هي من رويد ؛ يقال : فلان يمشي رويدا، أي برفق ؛ فالمراودة الرفق في الطلب ؛ يقال


الصفحة التالية
Icon