قوله تعالى :﴿وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ﴾ "ما" استفهام في موضع رفع بالابتداء، و"لنا" الخبر ؛ وما بعدها في موضع الحال ؛ التقدير : أي شيء لنا في ترك التوكل على الله. "وقد هدانا سبلنا" أي الطريق الذي يوصل إلى رحمته، وينجي من سخطه ونقمته. "ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون" "ولنصبرنَّ" لام قسم ؛ مجازه : والله لنصبرن ﴿مَا آذَيْتُمُونَا﴾ به، أي من الإهانة والضرب، والتكذيب والقتل، ثقة بالله أنه يكفينا ويثيبنا. "وعلى الله فليتوكل المتوكلون".
الآية : ١٣ ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ﴾
الآية : ١٤ ﴿وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾
قوله تعالى :﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ اللام لام قسم ؛ أي والله لنخرجنكم. ﴿ أَوْ لَتَعُودُنَّ﴾ أي حتى تعودوا أو إلا أن تعودوا ؛ قاله الطبري وغيره. قال ابن العربي : وهو غير مفتقر إلى هذا التقدير ؛ فإن "أو" على بابها من التخيير ؛ خير الكفار الرسل بين أن يعودوا في ملتهم أو يخرجوهم من أرضهم ؛ وهذه سيرة الله تعالى في رسله وعباده ؛ ألا ترى إلى قوله :" ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً، سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا﴾ [الإسراء : ٧٦ - ٧٧] وقد تقدم هذا المعنى في "الأعراف" وغيرها. ﴿فِي مِلَّتِنَا﴾ أي إلى ديننا، ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ، وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾
قوله تعالى :﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾ أي مقامه بين يدي يوم القيامة ؛ فأضيف المصدر إلى الفاعل. والمقام مصدر كالقيام ؛ يقال : قام قياما ومقاما ؛ وأضاف ذلك إليه لاختصاصه به. والمقام بفتح الميم مكان الإمامة، وبالضم فعل الإقامة ؛ و ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾ أي قيامي عليه، ومراقبتي له ؛ قال الله تعالى :﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾. [الرعد ٣٣] وقال الأخفش :﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾ أي عذابي، ﴿وَخَافَ وَعِيدِ﴾ أي القرآن وزواجره. وقيل : إنه العذاب. والوعيد الاسم من الوعد.