قوله تعالى :﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً﴾ يعني مكة وقد مضى في "البقرة". ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ أي اجعلني جانبا عن عبادتها، وأراد بقوله :﴿بَنِيَّ﴾ بنيه من، صلبه وكانوا ثمانية، فما عبد أحد منهم صنما. وقيل : هو دعاء لمن أراد الله أن يدعو له. وقرأ الجحدري وعيسى "وأجنبني" بقطع الألف والمعنى واحد ؛ يقال : جنبت ذلك الأمر ؛ وأجنبته وجنبته إياه فتجانبه وأجتنبه أي تركه. وكان إبراهيم التيمي يقول في قصصه : من يأمن البلاء بعد الخليل حين يقول "وأجنبني وبني أن نعبد الأصنام" كما عبدها أبي وقومي.
الآية : ٣٦ ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
قوله تعالى :﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ﴾ لما كانت سببا للإضلال أضاف الفعل إليهن مجازا ؛ فإن الأصنام جمادات لا تفعل. ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي﴾ في التوحيد. ﴿فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ أي من أهل ديني. ﴿وَمَنْ عَصَانِي﴾ أي أصر على الشرك. ﴿فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قيل : قال هذا قبل أن يعرفه الله أن الله لا يغفر أن يشرك به. وقيل : غفور رحيم لمن تاب من معصيته قبل الموت. وقال مقاتل بن حيان :﴿وَمَنْ عَصَانِي﴾ فيما دون الشرك.
الآية : ٣٧ ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾
فيه ست مسائل :-
الأولى :- روى البخاري عن ابن عباس :"أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ؛ اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ؛ وليس، بمكة يومئذ أحد، وليس


الصفحة التالية
Icon