" صفحة رقم ٤٩ "
معاذ الإله أن تكون كظبية
ونظيره الناس أصله الأناس قال
إن المنايا يطلعن
على الإناس الآمنينا
فحذفت الهمزة وعوض منها حرف التعريف ولذلك قيل في النداء يا الله بالقطع كما يقال يا إله والإله من أسماء الأجناس كالرجل والفرس اسم يقع على كل معبود بحق أو باطل ثم غلب على المعبود بحق كما ان النجم اسم لكل كوكب ثم غلب على الثريا وكذلك السنة على عام القحط والبيت على الكعبة والكتاب على كتاب سيبويه
وأما ( الله ) بحذف الهمزة فمختص بالمعبود بالحق لم يطلق على غيره
ومن هذا الاسم اشتق تأله وأله واستأله
كما قيل استنوق واستحجر في الاشتقاق من الناقة والحجر
فإن قلت أاسم هو أم صفة قلت بل اسم غير صفة ألا تراك تصفه ولا تصف به لا تقول شيء إله كما لا تقول شيء رجل
وتقول إله واحد صمد كما تقول رجل كريم خير
وأيضا فإن صفاته تعالى لا بد لها من موصوف تجرى عليه فلو جعلتها كلها صفات بقيت غير جارية على اسم موصوف بها وهذا محال
فإن قلت هل لهذا الاسم اشتقاق قلت معنى الاشتقاق أن ينتظم الصيغتين فصاعدا معنى واحد وصيغة هذا الاسم وصيغة قولهم أله إذا تحير ومن أخواته دله وعله ينتظمهما معنى التحير والدهشة وذلك ان الأوهام تتحير في معرفة المعبود وتدهش الفطن ولذلك كثر الضلال وفشا الباطل وقل النظر الصحيح
فإن قلت هل تفخم لامه قلت نعم قد ذكر الزجاج ان تفخيمها سنة وعلى ذلك العرب كلهم وإطباقهم عليه دليل أنهم ورثوه كابرا عن كابر
و ( الرحمن ) فعلان من رحم كغضبان وسكران من غضب وسكر وكذلك ( الرحيم ) فعيل منه كمريض وسقيم من مرض وسقم وفي ( الرحمن ) من المبالغة ما ليس في ( الرحيم ) ولذلك قالوا رحمن الدنيا


الصفحة التالية
Icon