" صفحة رقم ٧٨ "
لا يتناولها لأنها تقع مكفرة عن مجتنب الكبائر
وقيل يطلق على الرجل اسم المؤمن لظاهر الحال والمتقي لا يطلق الا عن خبرة كما لا يجوز اطلاق العدل الا على المختبر
ومحل
) هدى للمتقين (
الرفع لأنه خبر مبتدأ محذوف أو خبر مع
) لا ريب فيه ( لذلك أو مبتدأ اذا جعل الظرف المقدم خبرا عنه
ويجوز أن ينصب على الحال والعامل فيه معنى الإشارة أو الظرف
والذي هو أرسخ عرقا في البلاغة أن يضرب عن هذه المحال صفحا
وان يقال إن قوله
) الم (
جملة برأسها أو طائفة من حروف المعجم مستقلة بنفسها
) ذلك الكتاب ( جملة ثانية
) لا ريب فيه ( ثالثة
) هدى للمتقين ( رابعة
وقد أصيب بترتيبها مفصل البلاغة وموجب حسن النظم حيث جيء بها متناسقة هكذا من غير حرف نسق وذلك لمجيئها متآخية آخذا بعضها بعنق بعض
فالثانية متحدة بالأولى معتنقة لها وهلم جرا إلى الثالثة والرابعة
بيان ذلك أنه نبه أولا على أنه الكلام المتحدى به ثم أشير إليه بأنه الكتاب المنعوت بغاية الكمال
فكان تقريرا لجهة التحدي وشدا من أعضاده ثم نفى عنه أن يتشبث به طرف من الريب فكان شهادة وتسجيلا بكماله لأنه لا كمال أكمل مما للحق واليقين ولا نقص أنقص مما للباطل والشبهة
وقيل لبعض العلماء فيم لذتك فقال في حجة تتبختر اتضاحا وفي شبهة تتضاءل افتضاحا
ثم اخبر عنه بأنه هدى للمتقين فقرر بذلك كونه يقينا لا يحوم الشك حوله وحقا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
ثم لم تخل كل واحدة من الأربع بعد ان رتبت هذا الترتيب الأنيق ونظمت هذا النظم السري من نكتة ذات جزالة
ففي الأولى الحذف والرمز إلى الغرض بألطف وجه وأرشقه
وفي الثانية ما في التعريف من الفخامة
وفي الثالثة ما في تقديم الريب على الظرف
وفي الرابعة الحذف
ووضع المصدر الذي هو
) هدى (
موضع الوصف الذي هو هاد وايراده منكرا والايجاز في ذكر المتقين
زادنا الله إطلاعا على أسرار كلامه وتبيينا لنكت تنزيله وتوفيقا للعمل بما فيه


الصفحة التالية
Icon