" صفحة رقم ١٠٣ "
حتى أقصر الناس عملاً. قوله :) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ ( فيه أن صارفاً يصرف أبصارهم لينظروا فيستعيذوا ويوبخوا وقرأ الأعمش :( وإذا قلبت أبصارهم ) وقرىء :( ادخلوا الجنة ) على البناء للمفعول. وقرأ عكرمة :( دخلوا الجنة )، فإن قلت : كيف لاءم هاتين القراءتين قوله :) لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ( ؟ قلت : تأويله : ادخلوا، أو دخلوا الجنة مقولاً لهم : لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون. فإن قلت : ما محل قوله : لم يدخلوها وهم يطمعون ؟ قلت : لا محل له لأنه استئناف ؛ كأن سائلاً سأل عن حال أصحاب الأعراف فقيل : لم يدخلوها وهم يطمعون، يعني حالهم أنّ دخولهم الجنة استأخر عن دخول أهل الجنة، فلم يدخلوها لكونهم محبوسين وهم يطمعون لم ييأسوا. ويجوز أن يكون له محل، بأن يقع صفة لرجال ) مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ ( المال أو كثرتكم واجتماعكم ) وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ( واستكباركم عن الحق وعلى الناس، وقرىء :( تستكثرون ) من الكثرة.
) وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَاذَا وَمَا كَانُواْ بِأايَاتِنَا يَجْحَدُونَ ( ٧ )
الأعراف :( ٥٠ ) ونادى أصحاب النار.....
) أَفِيضُواْ عَلَيْنَا ( فيه دليل على أن الجنة فوق النار ) أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ( من غيره من الأشربة لدخوله في حكم الإفاضة، ويجوز أن يراد : أو ألقوا علينا مما رزقكم الله من الطعام والفاكهة. كقوله : عَلَفْتُهَا تِبْنَاً ومَاءً بَارِداً ;
وإنما يطلبون ذلك مع يأسهم من الإجابة إليه حيرة في أمرهم، كما يفعل المضطر الممتحن. ) حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ( منعهم شراب الجنة وطعامها كما يمنع المكلف ما يحرّم عليه ويحذر، كقوله :
حَرَامٌ عَلَى عَيْنِيَّ أَنْ تَطْعَمَ الْكَرَى ;


الصفحة التالية
Icon