" صفحة رقم ١٠٧ "
به ) بِإِذْنِ رَبّهِ ( بتيسيره وهو في موضع الحال، كأنه قيل : يخرج نباته حسناً وافياً لأنه واقع في مقابلة ) نَكِدًا ( والنكد الذي لا خير فيه. وقرىء :( يخرج نباته ) أن يخرجه البلد وينبته وقوله :) وَالَّذِى خَبُثَ (، فحذف المضاف الذي هو النبات، وأقيم المضاف إليه الذي هو الراجع إلى البلد مقامه ؛ إلاّ أنه كان مجروراً بارزاً، فانقلب مرفوعاً مستكناً لوقوعه موقع الفاعل، أو يقدّر : ونبات الذي خبث. وقرىء :( نكداً ) بفتح الكاف على المصدر. أي ذا نكد. ونكداً، بإسكانها للتخفيف، كقوله : نزه عن الريب، بمعنى نزه. وهذا مثل لمن ينجع فيه الوعظ والتنبيه من المكلفين، ولمن لا يؤثر فيه شيء من ذلك. وعن مجاهد : آدم وذرّيته منهم خبيث وطيب. وعن قتادة : المؤمن سمع كتاب الله فوعاه بعقله وانتفع به، كالأرض الطيبة أصابها الغيث فأنبتت. والكافر بخلاف ذلك. وهذا التمثيل واقع على أثر ذكر المطر، وإنزاله بالبلد الميت، وإخراج الثمرات به على طريق الاستطراد ) كَذالِكَ ( مثل ذلك التصريف ) نُصَرّفُ الاْيَاتِ ( نردِّدها ونكرّرها ) لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ( نعمة الله وهم المؤمنون، ليفكروا فيها ويعتبروا بها. وقرىء :( يصرف ) بالياء أي يصرفها الله.
) لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَاهٍ غَيْرُهُ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ( ٧ )
الأعراف :( ٥٩ ) لقد أرسلنا نوحا.....
) لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا ( جواب قسم محذوف. فإن قلت : ما لهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام، إلاّ مع ( قد ) وقلّ عنهم، نحو قوله : حَلَفْتُ لَهَا بِاللَّهِ حِلْفَةَ فَاجِر
لَنَامُوا............
قلت : إنما كان ذلك لأن الجملة القسمية لا تساق إلاّ تأكيداً للجملة المقسم عليها، التي هي جوابها، فكانت مظنة لمعنى التوقع الذي هو معنى ( قد ) عند استماع المخاطب كلمة القسم. قيل : أرسل نوحاً عليه السلام وهو ابن خمسين سنة، وكان نجاراً وهو نوح بن لمك بن متوسلخ بن أخنوخ وأخنوخ اسم إدريس النبي عليه السلام. وقرىء :( غيره ) بالحركات الثلاث، فالرفع على المحل، كأنه قيل : ما لكم إلاه غيره. والجرّ على اللفظ والنصب على الاستثناء بمعنى : ما لكم من إلاه إلاّ إياه، كقولك : ما في الدار من أحد إلاّ زيد أو غير زيد. فإن قلت : فما موقع الجملتين بعد قوله :) اعْبُدُواْ اللَّهَ ( ؟ قلت : الأولى بيان لوجه اختصاصه بالعبادة. والثانية : بيان للداعي إلى عبادته لأنه هو المحذور عقابه دون ما كانوا يعبدونه من دون الله واليوم العظيم يوم القيامة أو يوم نزول العذاب عليهم وهو الطوفان.


الصفحة التالية
Icon