" صفحة رقم ١١١ "
تعليم لعباده كيف يخاطبون السفهاء وكيف يغضون عنهم ويسلبون أذيالهم على ما يكون منهم ) نَاصِحٌ أَمِينٌ ( أي عرفت فيما بينكم بالنصح والأمانة فما حقي أن أُتهم. أو أنا لكم ناصح فيما أدعوكم إليه، أمين على ما أقول لكم لا أكذب فيه ) خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ( أي خلفتموه في الأرض، أو جعلكم ملوكاً في الأرض قد استخلفكم فيها بعدهم ) فِى الْخَلْقِ بَسْطَةً ( فيما خلق من أجرامكم ذهاباً في الطول والبدانة. قيل : كان أقصرهم ستين ذراعاً، وأطولهم مائة ذراع ) فَاذْكُرُواْ ءالآء اللَّهِ ( في استخلافكم وبسطة أجرامكم وما سواهما من عطاياه. وواحد الآلاء ( إلى ) نحو إني وإناء، وضلع وأضلاع، وعنب وأعناب. فإن قلت :( إذ ) في قوله :) إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء ( ما وجه انتصابه ؟ قلت : هو مفعول به وليس بظرف، أي اذكروا وقت استخلافكم.
) قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِى أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّى مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِأايَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ( ٧ )
الأعراف :( ٧٠ - ٧٢ ) قالوا أجئتنا لنعبد.....
) أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ ( أنكروا واستبعدوا اختصاص الله وحده بالعبادة، وترك دين الآباء. في اتخاذ الأصنام شركاء معه، حباً لما نشأوا عليه، وألفاً لما صادفوا آباءهم يتدينون به. فإن قلت : ما معنى المجىء في قوله :) أَجِئْتَنَا ( قلت : فيه أوجه : أن يكون لهود عليه السلام مكان معتزل عن قومه يتحنث فيه، كما كان يفعل رسول الله ( ﷺ ) بحراء قبل المبعث فلما أوحى إليه جاء قومه يدعوهم. وأن يريدوا به الاستهزاء، لأنهم كانوا يعتقدون أنّ الله تعالى لا يرسل إلاّ الملائكة، فكأنهم قالوا : أجئتنا من السماء كما يجيء الملك، وأن لا يريدوا حقيقة المجيء، ولكن التعرّض بذلك والقصد، كما يقال : ذهب يشمتني، ولا يراد حقيقة الذهاب، كأنهم قالوا : أقصدتنا لنعبد الله وحده وتعرّضت لنا بتكليف ذلك ؟ ) فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ( استعجال منهم للعذاب ) قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم ( أي حق عليكم ووجب، أو قد نزل عليكم. جعل المتوقع الذي لا بدّ من نزوله بمنزلة الواقع. ونحوه قولك لمن طلب إليك بعض المطالب قد كان ذلك. وعن حسان ؛ أنّ ابنه عبد الرحمن لسعه زنبور وهو طفل، فجاء يبكي. فقال له يا بنيّ مالك ؟ قال : لسعني طوير كأنه ملتف في بردى حبرة، فضمه إلى صدره وقال له : يا بني، قد قلت الشعر.


الصفحة التالية
Icon