" صفحة رقم ١٣٠ "
الحق، أي لازماً له. والثالث : أن يضمن ) حَقِيقٌ ( معنى حريص، كما ضمن ( هيجني ) معنى ذكرني في بيت الكتاب. والرابع : وهو الأوجه الأدخل في نكت القرآن : أن يغرق موسى في وصف نفسه بالصدق في ذلك المقام لا سيما وقد روى أنّ عدو الله فرعون قال له لما قال :) إِنّى رَسُولٌ مّن رَّبّ الْعَالَمِينَ ( كذبت، فيقول : أنا حقيق عليَّ قول الحق أي واجب على قول الحق أن أكون أنا قائله والقائم به، ولا يرضى إلاّ بمثلي ناطقاً به ) فَأَرْسِلْ مَعِىَ بَنِى إِسْراءيلَ ( فخلهم حتى يذهبوا معي راجعين إلى الأرض المقدّسة التي هي وطنهم ومولد آبائهم، وذلك أن يوسف عليه السلام لما توفي وانقرضت الأسباط، غلب فرعون نسلهم واستعبدهم، فأنقذهم الله بموسى عليه السلام، وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر واليوم الذي دخله موسى أربعمائة عام.
) قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِأايَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِىَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ (
الأعراف :( ١٠٦ ) قال إن كنت.....
فإن قلت : كيف قال له :) فَأْتِ بِهَا ( بعد قوله :) قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ ( ؟ قلت : معناه إن كنت جئت من عند من أرسلك بآية فأتني بها وأحضرها عندي لتصحّ دعواك ويثبت صدقك ) ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ( ظاهر أمره لا يشك في أنه ثعبان. وروى أنه كان ثعباناً ذكراً أشعر فاغراً فاه بين لحييه ثمانون ذراعاً، وضع لحيه الأسفل في الأرض ولحية الأعلى على سور القصر، ثم توجه نحو فرعون ليأخذه فوثب فرعون من سريره وهرب، وأحدث ولم يكن أحدث قبل ذلك، وهرب الناس وصاحوا، وحمل على الناس فانهزموا فمات خمسة وعشرون ألفاً قتل بعضهم بعضاً، ودخل فرعون البيت وصاح : يا موسى، خذه وأنا أومن بك وأرسل معك بني إسرائيل، فأخذه موسى فعاد عصى. فإن قلت : بم يتعلق ) لِلنَّاظِرِينَ ( ؟ قلت : يتعلق ببيضاء. والمعنى : فإذا هي بيضاء للنظارة ولا تكون بيضاء للنظارة إلاّ إذا كان بياضا عجيباً خارجاً عن العادة، يجتمع الناس للنظر إليه كما تجتمع النظارة للعجائب، وذلك ما يروى : أنه أرى فرعون يده وقال : ما هذه ؟ قال : يدك، ثم أدخلها جيبه وعليه مدرعة صوف ونزعها، فإذا هي بيضاء بياضاً نورانياً غلب شعاعها شعاع الشمس، وكان موسى عليه السلام آدم شديد الأدمة.
) قَالَ الْمَلأ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَاذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا


الصفحة التالية
Icon