" صفحة رقم ١٣٦ "
السنون فكانت لباديتهم وأهل مواشيهم. وأمّا نقص الثمرات فكان في أمصارهم. وعن كعب : يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة إلاّ تمرة ) لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ( فيتنبهوا على أن ذلك لإصرارهم على الكفر وتكذيبهم لآيات الله، ولأن الناس في حال الشدّة أضرع خدوداً وألين أعطافاً وأرق أفئدة. وقيل : عاش فرعون أربعمائة سنة ولم ير مكروهاً في ثلثمائة وعشرين سنة، ولو أصابه في تلك المدّة وجع أو جوع أو حمى لما ادعى الربوبية.
) فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَاذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ( ٧ )
الأعراف :( ١٣١ ) فإذا جاءتهم الحسنة.....
) فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ ( من الخضب والرخاء ) قَالُواْ لَنَا هَاذِهِ ( أي هذه مختصة بنا ونحن مستحقوها ولم نزل في النعمة والرفاهية، واللام مثلها في قولك. الجل للفرس ) وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ ( من ضيقة وجدب ) يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ ( يتطيروا بهم ويتشاءموا ويقولوا : هذه بشؤمهم، ولولا مكانهم لما أصابتنا، كما قالت الكفرة لرسول الله ( ﷺ ) هذه من عندك. فإن قلت : كيف قيل فإذا جاءتهم الحسنة بإذا وتعريف الحسنة، وإن تصبهم سيئة بإن وتنكير السيئة ؟ قلت : لأنّ جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته واتساعه. وأمّا السيئة فلا تقع إلاّ في الندرة، ولا يقع إلاّ شيء منها. ومنه قول بعضهم : قد عددت أيام البلاء، فهل عددت أيام الرخاء ) طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ ( أي سبب خيرهم وشرهم عند الله، وهو حكمه ومشيئته، والله هو الذي يشاء ما يصيبهم من الحسنة والسيئة، وليس شؤم أحد ولا يمنه بسبب فيه، كقوله تعالى :) قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ اللَّهِ ( ( النساء : ٧٨ ) ويجوز أن يكون معناه : ألا إنما سبب شؤمهم عند الله وهو عملهم المكتوب عنده الذي يجري عليهم ما يسوءهم لأجله، ويعاقبون له بعد موتهم بما وعدهم الله في قوله سبحانه :) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا ( ( غافر : ٤٦ ) الآية. ولا طائر أشأم من هذا. وقرأ الحسن :( ءنما طيركم عند الله )، وهو اسم لجمع طائر غير تكسير، ونظيره : التجر، والركب. وعند أبي الحسن : هو تكسير.
) وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن ءَايَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ