" صفحة رقم ١٥ "
يستمعون تلاوة رسول الله ( ﷺ )، فقالوا للنضر : يا أبا قُتَيْلَة، ما يقول محمد ؟ فقال : والذي جعلها بيته يعني الكعبة ما أدري ما يقول، إلا أنه يحرّك لسانه ويقول أساطير الأوّلين، مثل ما حدثتكم عن القرون الماضية، فقال أبو سفيان : إني لأراه حقاً. فقال أبو جهل : كلا، فنزلت. والأكنة على القلوب، والوقر في الأذان : مثلٌ في نبوّ قلوبهم ومسامعهم عن قبوله واعتقاد صحته. ووجه إسناد الفعل إلى ذاته وهو قوله :) وَجَعَلْنَا ( للدلالة على أنه أمر ثابت فيهم لا يزول عنهم، كأنهم مجبولون عليه. أو هي حكاية لما كانوا ينطقون به من قولهم ) وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ( ( فصلت : ٥ ) وقرأ طلحة :( وقراً ) بكسر الواو ) حَتَّى إِذَا لَكَِّرِهُونَ يُجَادِلُونَكَ ( هي حتى التي تقع بعدها الجمل. والجملة قوله :) إِذَا ( ) يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( و ) يُجَادِلُونَكَ ( موضع الحال. ويجوز أن تكون الجارة ويكون إذا جاؤك في محل الجرّ بمعنى حتى وقت مجيئهم، ويجادلونك حال، وقوله : يقول الذين كفروا. وتفسير له. والمعنى أنه بلغ تكذيبهم الآيات إلى أنهم يجادلونك ويناكرونك. وفسر مجادلتهم بأنهم يقولون :) إِنْ هَاذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الاْوَّلِينَ ( فيجعلون كلام الله وأصدق الحديث، خرافات وأكاذيب، وهي الغاية في التكذيب ) وَهُمْ يَنْهَوْنَ ( الناس عن القرآن أو عن الرسول عليه الصلاة والسلام وأتباعه، ويثبطونهم عن الإيمان به ) عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ ( بأنفسهم فيضلون ويضلون ) وَإِن يُهْلِكُونَ ( بذلك ) إِلاَّ أَنفُسُهُمْ ( ولا يتعداهم الضرر إلى غيرهم، وإن كانوا يظنون أنهم يضرون رسول الله ( ﷺ ). وقيل : هو أبو طالب لأنه كان ينهى قريشاً عن التعرض لرسول الله ( ﷺ ) وينأى عنه ولا يؤمن به. وروي أنهم اجتمعوا إلى أبي طالب وأرادوا برسول الله ( ﷺ ) سوءاً. فقال : وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ بِجَمْعِهِم
حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا
فَاصْدَعْ بِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَة
وَابْشِرْ بِذَاكَ وَقَرَّ مِنْهُ عُيُونَا


الصفحة التالية
Icon