" صفحة رقم ١٧ "
نفاقهم الذي كانوا يسرونه. وقيل : هو في أهل الكتاب وأنه يظهر لهم ما كانوا يخفونه من صحة نبوة رسول الله ( ﷺ ) ) وَلَوْ رُدُّواْ ( إلى الدنيا بعد وقوفهم على النار ) لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ( من الكفر والمعاصي ) وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ( فيما وعدوا من أنفسهم لا يفون به.
) وَقَالُواْ إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (
الأنعام :( ٢٩ ) وقالوا إن هي.....
وَقَالُواْ ( عطف على لعادوا. أي : ولو ردّوا لكفروا ولقالوا :) إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا ( كما كانوا يقولون قبل معاينة القيامة. ويجوز أن يعطف على قوله : وإنهم لكاذبون، على معنى : وإنهم لقوم كاذبون في كل شيء، وهم الذين قالوا : إن هي إلا حياتنا الدنيا. وكفى به دليلاً على كذبهم.
) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَاذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَآءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ ياحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ (
الأنعام :( ٣٠ ) ولو ترى إذ.....
وُقِفُواْ عَلَى رَبّهِمْ ( مجاز على الحبس للتوبيخ والسؤال، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده ليعاتبه. وقيل : وقفوا على جزاء ربهم. وقيل : عرفوه حق التعريف ) قَالَ ( مردود على قول قائل قال : ماذا قال لهم ربهم إذ وقفوا عليه فقيل : قال :) أَلَيْسَ هَاذَا بِالْحَقّ ( وهذا تعيير من الله تعالى لهم على التكذيب. وقولهم لما كانوا يسمعون من حديث البعث والجزاء : ما هو بحق وما هو إلا باطل ) بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ( بكفركم بلقاء الله ببلوغ الآخرة وما يتصل بها. وقد حقق الكلام فيه في مواضع أخر. و ) حَتَّى ( غاية لكذبوا لا لخسر، لأن خسرانهم لا غاية له. أي ما زال بهم التكذيب إلى حسرتهم وقت مجيء الساعة. فإن قلت : أما يتحسرون عند موتهم ؟ قلت : لما كان الموت وقوعاً في أحوال الآخرة ومقدماتها جعل من جنس الساعة وسمي باسمها، ولذلك قال رسول الله ( ﷺ ) :
( ٣٧٣ ) ( من مات فقد قامت قيامته ). أو جعل مجيء الساعة بعد الموت لسرعته كالوقاع بغير فترة ) بَغْتَةً ( فجأة وانتصابها على الحال بمعنى باغتة، أو على المصدر كأنه قيل : بغتهم الساعة بغتة ) فَرَّطْنَا فِيهَا ( الضمير للحياة الدنيا، جيء بضميرها وإن لم يجر لها