" صفحة رقم ٢٠٢ "
إليه الزبير فقال رسول الله ( ﷺ ) كيف حبك لعليٍّ ؟ فقال يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إني أحبه كحبي لوالدي أو أشدّ حباً. قال : فكيف أنت إذا سرت إليه تقاتله، فإن قلت : كيف جاز أن يدخل النون المؤكدة في جواب الأمر ؟ قلت : لأنّ فيه معنى النهي، إذا قلت : أنزل عن الدابة لا تطرحك، فلذلك جاز لا تطرحنك ولا تصيبنّ ولا يحطمنكم. فإن قلت : فما معنى ) مِنْ ( في قوله :) الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ ( ؟ قلت : التبعيض على الوجه الأول، والتبيين على الثاني، لأنَّ المعنى : لا تصيبنكم خاصة على ظلماكم ؛ لأن الظلم أقبح منكم من سائر الناس.
) وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِى الاٌّ رْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( ٧ )
الأنفال :( ٢٦ ) واذكروا إذ أنتم.....
) إِذْ أَنتُم ( نصبه على أنه مفعول به مذكور لا ظرف : أي اذكروا وقت كونكم أقلة أذلة مستضعفين ) فِى الاْرْضِ ( أرض مكة قبل الهجرة تستضعفكم قريش ) تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ( لأن الناس كانوا جميعاً لها أعداء منافين مضادّين ) فَآوَاكُمْ ( إلى المدينة ) وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ ( بمظاهرة الأنصار وبإمداد الملائكة يوم بدر ) وَرَزَقَكُم مّنَ الطَّيّبَاتِ ( من الغنائم ) لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( إرادة أن تشكروا هذه النعم وعن قتادة : كان هذا الحيّ من العرب أذلّ الناس، وأشقاهم عيشا، وأعراهم جلداً، وأبينهم ضلالا، يؤكلون ولا يأكلون، فمكن الله لهم في البلاد، ووسع لهم في الرزق والغنائم وجعلهم ملوكاً.
) يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (
الأنفال :( ٢٧ ) يا أيها الذين.....
معنى الخون : النقص، كما أن معنى الوفاء التمام. ومنه : تخوّنه، إذا تنقصه، ثم استعمل في ضد الأمانة والوفاء، لأنك إذا خنت الرجل في شيء فقد أدخلت عليه النقصان فيه، وقد استعير فقيل : خان الدلو الكرب، وخان المشتار السبب لأنه إذا انقطع به فكأنه لم يف له. ومنه قوله تعالى :) وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ ( والمعنى لا تخونوا الله بأن تعطلوا فرائضه، ورسوله بأن لا تستنوا به. و ) أَمَانَاتِكُمْ ( فيما بينكم بأن لا تحفظوها ) وَأَنتُم


الصفحة التالية
Icon