" صفحة رقم ٢٣٢ "
رسول الله ( ﷺ ) فقال : يا رسول الله، أشيء نزل من السماء قال : نعم، فسر وأنت على الموسم، وعليّ ينادي بالآي. فلما كان قبل التروية خطب أبو بكر رضي الله عنه وحدثهم عن مناسكهم، وقام علي رضي الله عنه يوم النحر عند جمرة العقبة فقال : يا أيها الناس، إني رسول رسول الله إليكم. فقالوا : بماذا ؟ فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية. وعن مجاهد رضي الله عنه ثلاثة عشرة آية، ثم قال : أمرت بأربع : أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده : فقالوا عند ذلك يا علي، أبلغ ابن عمك أنا قد نبذنا العهد وراء ظهورنا، وأنه ليس بيننا وبينه عهد إلا طعن بالرماح وضرب بالسيوف. وقيل : إنما أمر أن لا يبلغ عنه إلا رجل منه ؛ لأنّ العرب عادتها في نقض عهودها أن يتولى ذلك على القبيلة رجل منها، فلو تولاه أبو بكر رضي الله عنه. لجاز أن يقولوا هذا خلاف ما يعرف فينا من نقض العهود فأزيحت علتهم بتولية ذلك علياً رضي الله عنه فإن قلت : الأشهر الأربعة ما هي ؟ قلت : عن الزهري رضي الله عنه أنّ براءة نزلت في شوال، فهي أربعة أشهر : شوّال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، وقيل هي عشرون من ذي الحجة، والمحرّم، وصفر، وشهر ربيع الأوّل، وعشر من شهر ربيع الآخر. وكانت حرماً ؛ لأنهم أُومنوا فيها وحرّم قتلهم وقتالهم. أو على التغليب ؛ لأنّ ذا الحجة والمحرّم منها. وقيل : لعشر من ذي القعدة إلى عشر من ربيع الأول ؛ لأنّ الحج في تلك السنة كان في ذلك الوقت للنسيء الذي كان فيهم، ثم صار في السنة الثانية من ذي الحجة. فإن قلت ما وجه إطباق أكثر العلماء على جواز مقاتلة المشركين في الأشهر الحرم وقد صانها الله تعالى عن ذلك ؟ قلت : قالوا قد نسخ وجوب الصيانة وأبيح قتال المشركين فيها ) غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ( لا تفوتونه وإن أمهلكم، وهو مخزيكم : أي مذلكم في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالعذاب.
) وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الاٌّ كْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِىءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (
التوبة :( ٣ ) وأذان من الله.....
) وَأَذَانٌ ( ارتفاعه كارتفاع براءة على الوجهين، ثم الجملة معطوفة على مثلها، ولا وجه لقول من قال : إنه معطوف على براءة، كما لا يقال : عمرو معطوف على زيد، في قولك : زيد قائم، وعمرو قاعد، والأذان : بمعنى الإيذان وهو الإعلام، كما أنّ الأمان


الصفحة التالية
Icon