" صفحة رقم ٢٤٣ "
دام في ذلك المسجدضوؤه ). فإن قلت : هلاّ ذكر الإيمان برسول الله ( ﷺ ) ؟ قلت : لما علم وشهر أن الإيمان بالله تعالى قرينته الإيمان بالرسول عليه السلام لاشتمال كلمة الشهادة والأذان، والإقامة وغيرها عليهما مقترنين مزدوجين كأنهما شيء واحد عير منفك أحدهما عن صاحبه، انطوى تحت ذكر الإيمان بالله تعالى الإيمان بالرسول عليه السلام. وقيل : دلّ عليه الصلاة والسلام بذكر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ؟ فإن قلت : كيف قيل :) وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ ( والمؤمن يخشى المحاذير، ولا يتمالك أن لا يخشاها ؟ قلت : هي الخشية والتقوى في أبواب الدين، وأن لا يختار على رضا الله غيره لتوقع مخوف، وإذا اعترضه أمران : أحدهما حقّ الله، والآخر حق نفسه أن يخاف الله، فيؤثر حقّ الله على حقّ نفسه. وقيل : كانوا يخشون الأصنام ويرجونها، فأريد نفي تلك الخشية عنهم ) فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ( تبعيد للمشركين عن مواقف الاهتداء وحسن لأطماعهم من الانتفاع بأعمالهم التي استعظموها وافتخروا بها وأملوا عاقبتها، بأن الذين آمنوا وضموا إلى إيمانهم العمل بالشرائع مع استشعار الخشية والتقوى، اهتداؤهم دائر بين عسى ولعل، فما بال المشركين يقطعون أنهم مهتدون ونائلون عند الله الحسنى. وفي هذا الكلام ونحوه لطف للمؤمنين في ترجيح الخشية على الرجاء ورفض الاغترار بالله تعالى.
) أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاٌّ خِرِ وَجَاهَدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (
التوبة :( ١٩ ) أجعلتم سقاية الحاج.....
السقاية والعمارة : مصدران من سقى وعمر، كالصيانة والوقاية. ولا بدّ من مضاف محذوف تقديره ) أَجَعَلْتُمْ ( أهل ) سِقَايَةَ الْحَاجّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءامَنَ بِاللَّهِ ( تصدقه