" صفحة رقم ٢٥٧ "
رجب. ومنه قوله عليه السلام في خطبته في حجة الوداع :
( ٤٦٣ ) ألا إنَّ الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض ). والسنة اثنا عشر شهراً : منها أربعة حرم، ثلاث متواليات : ذو القعدة وذو الحجة، والمحرّم. ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان. والمعنى : رجعت الأشهر إلى ما كانت عليه، وعاد الحج في ذي الحجّة، وبطل النسىء الذي كان في الجاهلية، وقد وافقت حجّة الوداع ذا الحجّة، وكان حجّة أبي بكر رضي الله عنه قبلها في ذي القعدة ) ذالِكَ الدّينُ الْقَيّمُ ( يعني أنّ تحريم الأشهر الأربعة هو الدين المستقيم، دين إبراهيم وإسماعيل، وكانت العرب قد تمسكت به وراثة منهما، وكانوا يعظمون الأشهر الحرم ويحرّمون القتال فيها، حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه أو أخيه لم يهجه، وسموا رجباً : الأصم ومنصل الأسنة، حتى أحدثت النسىء فغيروا ) فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ ( في الحرم ) أَنفُسَكُمْ ( أي لا تجعلوا حرامها حلالاً. وعن عطاء : تالله ما يحلّ للناس أن يغزوا في الحرم ولا في الأشهر الحرم إلاّ أن يقاتلوا، وما نسخت، وعن عطاء الخراساني رضي الله عنه : أحلّت القتال في الأشهر الحرم براءة من الله ورسوله. وقيل : معناه لا تأتموا فيهن، بياناً لعظم حرمتهن، كما عظم أشهر الحجّ بقوله تعالى :) فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ ( الآية ( البقرة : ١٩٧ ) وإن كان ذلك محرّماً في سائر الشهور ) كَآفَّةً ( حال من الفاعل أو المفعول ) مَعَ الْمُتَّقِينَ ( ناصر لهم، حثّهم على التقوى بضمان النصر لأهلها.
) إِنَّمَا النَّسِىءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (
التوبة :( ٣٧ ) إنما النسيء زيادة.....
والنسىء : تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر، وذلك أنهم كانوا أصحاب حروب وغارات، فإذا جاء الشهر الحرام وهم محاربون شقّ عليهم ترك المحاربة، فيحلّونه ويحرّمون مكانه شهر آخر، حتى رفضوا تخصيص الأشهر الحرم بالتحريم، فكانوا يحرّمون من شقّ شهور العام أربعة أشهر وذلك قوله تعالى :) لّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ( أي ليوافقوا العدّة التي هي الأربعة ولا يخالفوها وقد خالفوا التخصيص الذي هو أحد الواجبين. وربما زادوا في عدد الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر أو أربعة عشر ليتسع لهم الوقت. ولذلك قال عزّ وعلا ) إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً ( ( التوبة : ٣٦ ) يعني من غير زيادة زادوها. والضمير في : يحلونه، ويحرّمونه للنسىء. أي إذا أحلّوا شهراً من الأشهر الحرم