" صفحة رقم ٢٦٧ "
منافقون، فكان إلزامهم الإنفاق شاقاً عليهم كالإكراه. أو طائعين من غير إكراه من رؤسائكم، لأن رؤساء أهل النفاق كانوا يحملون على الإنفاق لما يرون من المصلحة فيه، أو مكرهين من جهتهم. وروي : أنها نزلت في الجدّ بن قيس حين تخلف عن غزوة تبوك وقال لرسول الله ( ﷺ ) : هذا مالي أعينك به فاتركني ) إِنَّكُمْ ( تعليل لردّ إنفاقهم. والمراد بالفسق : التمرّد والعتق.
) وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلَواةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ (
التوبة :( ٥٤ ) وما منعهم أن.....
) أَنَّهُمْ ( فاعل منع. وهم، وأن تقبل مفعولاه. وقرىء :( أن تقبل )، بالتاء والياء على البناء للمعفول. ونفقاتهم، ونفقتهم، على الجمع والتوحيد. وقرأ السلمي :( أن يَقْبل منهم نفقاتهم ) على أن الفعل لله عزّ وجلّ ) كُسَالَى ( بالضم والفتح، جمع كسلان، نحو سكارى وغيارى، في جمع سكران وغيران، وكسلهم لأنهم لا يرجون بصلاتهم ثواباً، ولا يخشون بتركها عقاباً فهي ثقيلة عليهم كقوله تعالى :) وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ( ( البقرة : ٤٥ ) وقرأت في بعض الأخبار
( ٤٦٧ ) أنّ رسول الله ( ﷺ ) كره للمؤمن أن يقول : كسلت، كأنه ذهب إلى هذه الآية، فإنّ الكسل من صفات المنافقين، فما ينبغي أن يسنده المؤمن إلى نفسه. فإن قلت : الكراهية خلاف الطواعية وقد جعلهم الله تعالى طائعين في قوله ) طَوْعاً ( ثم وصفهم بأنهم لا ينفقون إلاّ وهم كارهون. قلت : المراد بطوعهم أنهم يبذلونه من غير إلزام من رسول الله ( ﷺ ) أو من رؤسائهم، وما طوعهم ذاك إلاّ عن كراهية واضطرار، لا عن رغبة واختيار.
) فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (
التوبة :( ٥٥ ) فلا تعجبك أموالهم.....
الإعجاب بالشيء : أن يسرّ به سرور راض به متعجب من حسنه. والمعنى : فلا تستحسن ولا تفتنن بما أوتوا من زينة الدنيا، كقوله تعالى :) وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ( ( طه : ١٣١ ) فإن الله تعالى إنما أعطاهم ما أعطاهم للعذاب، بأن عرضه للتغنم والسبي، وبلاهم فيه بالآفات والمصائب، وكلفهم الإنفاق منه في أبواب الخير، وهم كارهون له على رغم