" صفحة رقم ٣١٤ "
يخرج أمر من الأمور من قضائه وتقديره، وكذلك قوله :) مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ( دليل على العزة والكبرياء، كقوله :) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ ( ( النبأ : ٣٨ ) و ) ذالِكُمُ ( إشارة إلى المعلوم بتلك العظمة، أي ذلك العظيم الموصوف بما وصف به هو ربكم، وهو الذي يستحق منكم العبادة ) فَاعْبُدُوهُ ( وحده ولا تشركوا به بعض خلقه من ملك أو إنسان، فضلاً عن جماد لا يضرّ ولا ينفع ) أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ( فإن أدنى التفكر والنظر ينبهكم على الخطأ فيما أنتم عليه ) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ( أي لا ترجعون في العاقبة إلاّ إليه فاستعدوا للقائه ) وَعَدَ اللَّهُ ( مصدر مؤكد لقوله :) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ( و ) حَقًّا ( مصدر مؤكد لقوله :) وَعَدَ اللَّهُ (. ) أَنَّهُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ( استئناف معناه التعليل لوجوب المرجع إليه، وهو أنّ الغرض ومقتضى الحكمة بابتداء الخلق وإعادته هو جزاء المكلفين على أعمالهم. وقرىء :( أنه يبدؤ الخلق ) بمعنى لأنه. أو هو منصوب بالفعل الذي نصب وعد الله : أي وعد الله وعداً بدأ الخلق ثم إعادته. والمعنى : إعادة الخلق بعد بدئه. وقرىء :( وعد الله )، على لفظ الفعل. ويبدىء، من أبدأ. ويجوز أن يكون مرفوعاً بما نصب حقاً، أي حقّ حقاً بدأ الحلق، كقوله : أَحَقّاً عِبَادَ اللَّهِ أَنّ لَسْتُ جَائِيا
وَلاَ ذَاهِباً إلاّ عَلَيَّ رَقِيبُ
وقرىء :( حق أنه يبدؤ الخلق ) كقولك : حق أنّ زيداً منطلق ) بِالْقِسْطِ ( بالعدل، وهو متعلق بيجزى. والمعنى : ليجزيهم بقسطه ويوفيهم أجورهم. أو بقسطهم وبما أقسطوا وعدلوا ولم يظلموا حين آمنوا وعملوا صالحاً، لأنّ الشرك ظلم. قال الله تعالى :) إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ( ( لقمان : ١٣ ) والعصاة : ظلاّم أنفسهم، وهذا أوجه، لمقابلة قوله :) بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ (.
) هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَآءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذالِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (
يونس :( ٥ ) هو الذي جعل.....
الياء في ) ضِيَاء ( منقلبة عن واو ضوء لكسرة ما قبلها. وقرىء :( ضئاء ) بهمزتين بينهما ألف على القلب، بتقديم اللام على العين، كما قيل في عاق : عقا. والضياء أقوى من النور ) وَقَدَّرَهُ ( وقدّر القمر. والمعنى وقدّر مسيره ) مَنَازِلَ ( أو قدّره ذا منازل، كقوله تعالى :) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ( ( يس : ٣٩ ). ) وَالْحِسَابَ ( وحساب الأوقات من الشهور والأيام والليالي ) ذالِكَ ( إشارة إلى المذكور أي ما خلقه إلاّ ملتبساً بالحق الذي هو الحكمة البالغة ولم يخلقه عبثاً. وقرىء :( يفصل )، بالياء.