" صفحة رقم ٣٣٣ "
خروجهم من القبور ثم ينقطع التعارف بينهم لشدّة الأمر عليهم. فإن قلت :) كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ ( و ) يَتَعَارَفُونَ ( كيف موقعهما ؟ قلت : أما الأولى فحال من ( هم ) أي يحشرهم مشبهين بمن لم يلبث إلاّ ساعة. وأما الثانية فإما أن تتعلق بالظرف. وإما أن تكون مبينة، لقوله :) كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً ( لأنّ التعارف لا يبقى مع طول العهد وينقلب تناكراً ) قَدْ خَسِرَ ( على إرادة القول، أي يتعارفون بينهم قائلين ذلك، أو هي شهادة من الله تعالى على خسرانهم. والمعنى أنهم وضعوا في تجارتهم وبيعهم الإيمان بالكفر ) وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ( للتجارة عارفين بها، وهو استئناف فيه معنى التعجب، كأنه قيل : ما أخسرهما
) وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (
يونس :( ٤٦ ) وإما نرينك بعض.....
فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ( جواب نتوفينك، وجواب نرينك محذوف، كأنه قيل : وإما نرينك بعض الذي نعدهم في الدنيا فذاك، أو نتوفينك قبل أن نريكه فنحن نريكه في الآخرة. فإن قلت : الله شهيد على ما يفعلون في الدارين، فما معنى ثم ؟ قلت : ذكرت الشهادة والمراد مقتضاها ونتيجتها وهو العقاب، كأنه قال : ثم الله معاقب على ما يفعلون. وقرأ ابن أبي عبلة :( ثم ) بالفتح، أي هنالك. ويجوز أن يراد : أنّ الله مؤدّ شهادته على أفعالهم يوم القيامة، حين ينطق جلودهم وألسنتهم وأيديهم وأرجلهم شاهدة عليهم.
) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِىَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (
يونس :( ٤٧ ) ولكل أمة رسول.....
) وَلِكُلّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ( يبعث إليهم لينبههم على التوحيد، ويدعوهم إلى دين الحق ) فَإِذَا جَاء ( هم ) رَسُولَهُمْ ( بالبينات فكذبوه، ولم يتبعوه ) قُضِىَ بَيْنَهُمْ ( أي بين النبيّ ومكذّبيه ) بِالْقِسْطِ ( بالعدل، فأنجى الرسول وعذّب المكذّبون، كقوله ؛ ) وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حِينٍ نَبْعَثَ رَسُولاً ( ( الإسراء : ١٥ ) أو لكل أمّة من الأمم يوم القيامة رسول تنسب إليه وتدعى به، فإذا جاء رسولهم الموقف ليشهد عليهم بالكفر والإيمان، كقوله تعالى :) وَجِىء بِالنَّبِيّيْنَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقّ ( ( الزمر : ٦٩ ).
) وَيَقُولُونَ مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (
يونس :( ٤٨ - ٤٩ ) ويقولون متى هذا.....
) مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ ( استعجال لما وعدوا من العذاب استبعاداً له ) لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرّا ( من مرض أو فقر ) وَلاَ نَفْعاً ( من صحة أو غنى ) إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ ( استثناء منقطع : أي ولكن ما شاء الله من ذلك كائن، فكيف أملك لكم الضرر وجلب العذاب ؟ ) لِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ( يعني