" صفحة رقم ٣٦٤ "
فَإنْ شَئْتُ حَرَّمْتُ النْسَاءَ سِوَاكُمُ ;
وووجه آخر : وهو أن يكون الخطاب للمشركين، والضمير في ) لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ ( لمن استطعتم، يعني : فإن لم يستجب لكم من تدعونه من دون الله إلى المظاهرة على معارضته لعلمهم بالعجز عنه وأن طاقتهم أقصر من أن تبلغه ) فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللَّهِ ( أي أنزل ملتبساً بما لا يعلمه إلا الله، من نظم معجز للخلق، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليه ) و ( اعلموا عند ذلك ) الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَاهَ إِلاَّ ( الله وحده، وأن توحيده واجب والإشراك به ظلم عظيم ) فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ( مبايعون بالإسلام بعد هذه الحجة القاطعة، وهذا وجه حسن مطرد. ومن جعل الخطاب للمسلمين فمعناه : فاثبتوا على العلم الذي أنتم عليه، وازدادوا يقيناً وثبات قدم على أنه منزل من عند الله وعلى التوحيد. ومعنى ) فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ( فهل أنتم مخلصون ؟
) مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِى الاٌّ خِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (
هود :( ١٥ ) من كان يريد.....
) نُوَفّ إِلَيْهِمْ ( نوصل إليهم أجور أعمالهم وافية كاملة من غير بخس في الدنيا، وهو ما يرزقون فيها من الصحة والرزق. وقيل : هم أهل الرياء. يقال للقراء منهم : أردت أن يقال : فلان قارىء، فقد قيل ذلك. ولمن وصل الرحم وتصدّق : فعلت حتى يقال، فقيل ولمن قاتل فقتل : قاتلت حتى يقال فلان جريء، فقد قيل : وعن أنس بن مالك : هم اليهود والنصارى، إن أعطوا سائلاً أو وصلوا رحماً، عجل لهم جزاء ذلك بتوسعة في الرزق وصحة في البدن. وقيل : هم الذين جاهدوا من المنافقين مع رسول الله ( ﷺ ) فأسهم لهم في الغنائم. وقرىء :( يوفّ ) بالياء على أن الفعل لله عز وجل. وتوفَّ إليهم أعمالهم بالتاء، على البناء للمفعول. وفي قراءة الحسن :( نوفي )، بالتخفيف وإثبات الياء، لأنّ الشرط وقع ماضياً، كقوله :
يَقُولُ لاَ غائِبٌ مَالِي وَلاَ حَرِمُ ;
) وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ( وحبط في الآخرة ما صنعوه، أو صنيعهم، يعني : لم يكن له ثواب لأنهم لم يريدوا به الآخرة، إنما أرادوا به الدنيا، وقد وفي إليهم ما أرادوا ) وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ( أي كان عملهم في نفسه باطلاً، لأنه لم يعمل لوجه صحيح، والعمل الباطل لا ثواب له. وقرىء :( وبطل ) على الفعل. وعن عاصم : وباطلا بالنصب، وفيه


الصفحة التالية
Icon