" صفحة رقم ٣٧٤ "
مقتضيه، أي بسم الله إجراؤها وإرساؤها. يروى أنه كان إذا أراد أن تجري قال : بسم الله فجرت، وإذا أراد أن ترسو قال : بسم الله فرست، ويجوز أن يقحم الاسم، كقوله : ثُمَّ اسْمُ السَّلاَمِ عَلَيْكُمَا ;
ويراد : بالله إجراؤها وإرساؤها، أي بقدرته وأمره. وقرىء :) مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ( بفتح الميم، لعله الجيم من جرى ورسى، إما مصدرين أو وقتين أو مكانين. وقرأ مجاهد ) مجريها ومرسيها ( بلفظ اسم الفاعل، مجروري المحل، صفتين لله. فإن قلت : ما معنى قولك : جملة مقتضبة ؟ قلت : معناه أن نوحاً عليه السلام أمرهم بالركوب، ثم أخبرهم بأن مجراها ومرساها بذكر اسم الله أو بأمره وقدرته. ويحتمل أن تكون غير مقتضيه بأن تكون في موضع الحال كقوله :
وَجَاؤُنَا بِهِمْ سَكَرٌ عَلَيَنا ;
فلا تكون كلاماً برأسه، ولكن فضلة من فضلات الكلام الأوّل، وانتصاب هذه الحال عن ضمير الفلك، كأنه قيل : اركبوا فيها مجراة ومرساة بسم الله بمعنى التقدير، كقوله تعالى :) ادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ( ( الزمر : ٧٣ ). ) إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ( لولا مغفرته لذنوبكم ورحمته إياكم لما نجاكم.
) وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ فِى مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِى مَعْزِلٍ يابُنَىَّ ارْكَبَ مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ قَالَ سَآوِى إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (
هود :( ٤٢ ) وهي تجري بهم.....
فإن قلت : بم اتصل قوله :) وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ ( ؟ قلت : بمحذوف دل عليه ) ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ ( ( هود : ٤١ ) كأنه قيل : فركبوا فيها يقولون : بسم الله، ) وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ ( أي تجري وهم فيها ) فِى مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ( يريد موج الطوفان، شبه كل موجة منه بالجبل في تراكمها وارتفاعها. فإن قلت : الموج : ما يرتفع فوق الماء عند اضطرابه وزخيره وكان