" صفحة رقم ٤١٦ "
والحكم والعجائب التي ليست في غيرها والظاهر أنه أحسن ما يقتص في بابه، كما يقال في الرجل : هو أعلم الناس وأفضلهم، يراد في فنه. فإن قلت : ممّ اشتقاق القصص ؟ قلت : من قصّ أثره إذا اتبعه، لأنّ الذي يقصّ الحديث يتبع ما حفظ منه شيئاً فشيئاً، كما يقال : تلا القرآن، إذا قرأه، لأنه يتلو أي يتبع ما حفظ منه آية بعد آية ) وَإِن كُنتُ ( إن مخففة من الثقيلة. واللام هي التي تفرق بينها وبين النافية. والضمير في ) قَبْلِهِ ( راجع إلى قوله : ما أوحينا والمعنى : وإنّ الشأن والحديث كنت من قبل إيحائنا إليك من الغافلين عنه، أي : من الجاهلين به، ما كان لك فيه علم قط ولا طرق سمعك طرف منه.
) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لاًّبِيهِ ياأَبتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ (
يوسف :( ٤ ) إذ قال يوسف.....
) إِذْ قَالَ يُوسُفُ ( بدل من أحسن القصص، وهو من بدل الاشتمال، لأن الوقت مشتمل على القصص وهو المقصوص، فإذا قصَّ وقته فقد قص. أو بإضمار ( اذكر ) ويوسف اسم عبراني، وقيل عربي وليس بصحيح ؛ لأنه لو كان عربياً لانصرف لخلوّه عن سبب آخر سوى التعريف. فإن قلت : فما تقول فيمن قرأ :( يوسِف ) بكسر السين، أو ( يوسَف ) بفتحها، هل يجوز على قراءته أن يقال ( هو عربي ) لأنه على وزن المضارع المبني للفاعل أو المفعول من آسف. وإنما منع الصرف للتعريف ووزن الفعل ؟ قلت : لا ؛ لأنّ القراءة المشهورة قامت بالشهادة، على أن الكلمة أعجمية، فلا تكون عربية تارة وأعجمية أخرى، ونحو يوسف : يونس، رويت فيه هذه اللغات الثلاث ولا يقال هو عربي لأنه في لغتين منها بوزن المضارع من آنس وأونس. وعن النبي ( ﷺ ) :
( ٥٣٨ ) ( إذا قيل : من الكريم ؟ فقولوا : الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ) ) يا أبت ( قرىء بالحركات الثلاث. فإن قلت : ما هذه التاء ؟ قلت : تاء تأنيث وقعت عوضاً من ياء الإضافة، والدليل على أنها تاء تأنيث قلبها هاء في الوقف. فإن قلت : كيف جاز إلحاق تاء التأنيث بالمذكر ؟ قلت : كما جاز نحو


الصفحة التالية
Icon