" صفحة رقم ٤٤٧ "
والنقيض على النقيض. فإن قلت : هل في الآية دليل على أنّ السنبلات اليابسة كانت سبعاً كالخضر ؟ قلت : الكلام مبني على انصبابه إلى هذا العدد في البقرات السمان والعجاف والسنابل الخضر، فوجب أن يتناول معنى الأخر السبع، ويكون قوله :) وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ( بمعنى وسبعاً أخر. فإن قلت : هل يجوز أن يعطف قوله ) وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ( على ) سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ ( فيكون مجرور المحل ؟ قلت : يؤدي إلى تدافع، وهو أن عطفها على ) سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ ( يقتضي أن تدخل في حكمها فتكون معها مميزاً للسبع المذكورة، ولفظ الأخر يقتضي أن تكون غير السبع، بيانه : أنك تقول : عندي سبعة رجال قيام وقعود، بالجرّ، فيصح ؛ لأنك ميزت السبعة برجال موصوفين بالقيام والقعود، على أنّ بعضهم قيام وبعضهم قعود ؛ فلو قلت : عنده سبعة رجال قيام وآخرين قعود، تدافع ففسد ) قَالَتْ ياأَيُّهَا الْمَلاَ ( كأنه أراد الأعيان من العلماء والحكماء. واللام في قوله ) لِلرُّؤْيَا ( إما أن تكون للبيان، كقوله ) وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزهِدِينَ ( ( يوسف : ٢٠ ) وإماأن تدخل ؛ لأنّ العامل إذا تقدّم عليه معموله لم يكن في قوّته على العمل فيه مثله إذا تأخر عنه، فعضد بها كما يعضد بها اسم الفاعل، إذا قلت : هو عابر للرؤيا ؛ لانحطاطه عن الفعل في القوة. ويجوز أن يكون للرؤيا خبر كان، كما تقول : كان فلان لهذا الأمر إذا كان مستقلا به متمكنا منه. و ) تَعْبُرُونَ ( خبر آخر، أو حال، وأن يضمن ) تَعْبُرُونَ ( معنى فعل يتعدى باللام، كأنه قيل : إن كنتم تنتدبون لعبارة الرؤيا. وحقيقة ( عبرت الرؤيا ) ذكرت عاقبتها وآخر أمرها، كما تقول : عبرت النهر، إذا قطعته حتى تبلغ آخر عرضه وهو عبره. ونحوه : أولت الرؤيا إذا ذكرت مآلها وهو مرجعها. وعبرت الرؤيا بالتخفيف، هو الذي اعتمده الأثبات، ورأيتهم ينكرون ( عبرت ) بالتشديد والتعبير والمعبر. وقد عثرت على بيت أنشده المبرد في كتاب الكامل لبعض الأعراب : رَأَيْتُ رُؤْيَا ثُمَّ عَبَّرْتُهَا
وَكُنْتُ للأَحْلاَمِ عَبَّارَا
) قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الاٌّ حْلَامِ بِعَالِمِينَ (
يوسف :( ٤٤ ) قالوا أضغاث أحلام.....
) أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ ( تخاليطها وأباطيلها، وما يكون منها من حديث نفس أو وسوسة شيطان. وأصل الأضغاث : ما جمع من أخلاط النبات وحزم، الواحد : ضغث، فاستعيرت لذلك، والإضافة بمعنى ( من ) أي أضغاث من أحلام والمعنى : هي أضغاث أحلام. فإن قلت : ما هو إلا حلم واحد، فلم قالوا : أضغاث أحلام فجمعوا ؟ قلت : هو كما تقول :


الصفحة التالية
Icon