" صفحة رقم ٤٥١ "
البقرات العجاف والسمان، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجوني. ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال : ارجع إلى ربك. ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث، لأسرعت الإجابة وبادرتهم الباب ولما ابتغيت العذر، إن كان لحليماً ذا أناة ). وإنما قال : سل الملك عن حال النسوة ولم يقل سله أن يفتش عن شأنهن، لأنّ السؤال مما يهيج الإنسان ويحركه للبحث عما سئل عنه، فأراد أن يورد عليه السؤال ليجدّ في التفتيش عن حقيقة القصة وفصّ الحديث حتى يتبين له براءته بياناً مكشوفاً يتميز فيه الحق من الباطل. وقرىء :( النُسوة ) بضم النون ومن كرمه وحسن أدبه : أنه لم يذكر سيدته مع ما صنعت به وتسببت فيه من السجن والعذاب، واقتصر على ذكر المقطعات أيديهنّ ) إِنَّ رَبّى ( إنّ الله تعالى :) بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ( أراد أنه كيد عظيم لا يعلمه إلا الله، لبعد غوره. أو استشهد بعلم الله على أنهنّ كدنه، وأنه بريء مما قرف به، أو أراد الوعيد لهنّ، أي : هو عليم بكيدهنّ فمجازيهنّ عليه ) مَا خَطْبُكُنَّ ( ما شأنكنّ ) إِذْ رَاوَدتُنَّ يُوسُفَ ( هل وجدتنّ منه ميلا إليكنّ ) قُلْنَ حَاشَ للَّهِ ( تعجباً من عفته وذهابه بنفسه عن شيء من الريبة ومن نزاهته عنها ) قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ ( أي ثبت واستقرّ وقرىء :( حُصْحِص ) على البناء للمفعول، وهو من حصحص البعير إذا ألقى ثفناته للإناخة. قال : فَحَصْحَصَ في صُمِّ الصَّفَا ثَفَنَاتِه
وَنَاءَ بِسَلْمَى نَوْءَةً ثُمَّ صَمَّمَا
ولا مزيد على شهادتهنّ له بالبراءة والنزاهة واعترافهنّ على أنفسهنّ بأنه لم يتعلق بشيء مما قرفنه به، لأنهنّ خصومه. وإذا اعترف الخصم بأنّ صاحبه على الحق وهو على