" صفحة رقم ٤٧٠ "
في ذلك، فقال : ما رأيت الله جعل الحزن عاراً على يعقوب ) فَهُوَ كَظِيمٌ ( فهو مملوء من الغيط على أولاده ولا يظهر ما يسوؤهم، فعيل بمعنى مفعول، بدليل قوله ) وَهُوَ مَكْظُومٌ ( من كظم السقاء إذا شدّه على ملئه، والكظم بفتح الظاء : مخرج النفس. يقال : أخذ بأكظامه.
) قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (
يوسف :( ٨٥ ) قالوا تالله تفتأ.....
) تفتؤا ( أراد : لا تفتؤ، فحذف حرف النفي لأنه لا يلتبس بالإثبات، لأنه لو كان إثباتاً لم يكن بدّ من اللام والنون ونحوه : فَقُلْتُ يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِداً
ومعنى ) لا ( لا تزال. وعن مجاهد : لا تفتر من حبه، كأنه جعل الفتوء والفتور أخوين يقال : ما فتىء يفعل. قال أوس :
فمَا فَتِئَتْ خَيْلٌ تَثُوبُ وَتَدَّعِي وَيَلْحَقُ مِنهَا لاَحِقٌ وتَقَطَعُ
) تَكُونَ حَرَضاً ( مشفياً على الهلاك مرضاً، وأحرضه المرض، ويستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، لأنه مصدر. والصفة : حَرِض، بكسر الراء، ونحوهما : دنف ودنف، وجاءت القراءة بهما جميعاً. وقرأ الحسن :( حُرُضاً )، بضمتين، ونحوه في الصفات : رجل جنب وغرب.
) قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّى وَحُزْنِى إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (
يوسف :( ٨٦ ) قال إنما أشكو.....
البث : أصعب الهم الذي لا يصبر عليه صاحبه، فيبثه إلى الناس أي ينشره. ومنه : باثه أمره، وأبثه إياه. ومعنى ) إِنَّمَا أَشْكُو ( إني لا أشكو إلى أحد منكم ومن غيركم، إنما أشكو إلى ربي داعياً له وملتجئاً إليه، فخلوني وشكايتي. وهذا معنى توليه عنهم، أي فتولى عنهم إلى الله والشكاية إليه. وقيل : دخل على يعقوب جارٌ له فقال : يا يعقوب، قد تهشمت وفنيت وبلغت من السن ما بلغ أبوكا فقال : هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من همّ يوسف، فأوحى الله إليه : يا يعقوب، أتشكوني إلى خلقي ؟ قال : يا رب خطيئة أخطأتها فاغفر لي، فغفر له، فكان بعد ذلك إذا سئل قال : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله. وروي


الصفحة التالية
Icon