" صفحة رقم ٤٧٥ "
أحزنته بحمل القميص ملطوخاً بالدم إليه، فأفرّحه كما أحزنته، وقيل : حمله وهو حاف حاسر من مصر إلى كنعان، وبينهما مسيرة ثمانين فرسخاً.
) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّى لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ فَلَمَّآ أَن جَآءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (
يوسف :( ٩٤ - ٩٦ ) ولما فصلت العير.....
) فَصَلَتِ الْعِيرُ ( خرجت من عريش مصر، يقال : فصل من البلد فصولاً، إذا انفصل منه وجاوز حيطانه. وقرأ ابن عباس :( فلما انفصل العير ) ) قَالَ ( لولد ولده ومن حوله من قومه :) إِنّى لاجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ( أوجده الله ريح القميص حين أقبل من مسيرة ثمان. والتفنيد : النسبة إلى الفند، وهو الخرف وإنكار العقل من هرم. يقال : شيخ مفند، ولا يقال عجوز مفندة ؛ لأنها لم تكن في شبيبتها ذات رأي فتفند في كبرها. والمعنى : لولا تفنيدكم إياي لصدقتموني ) لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ( لفي ذهابك عن الصواب قدما في إفراط محبتك ليوسف، ولهجك بذكره، ورجائك للقائه، وكان عندهم أنه قد مات ) أَلْقَاهُ ( طرح البشير القميص على وجه يعقوب. أو ألقاه يعقوب ) فَارْتَدَّ بَصِيرًا ( فرجع بصيراً. يقال : ردّه فارتد، وارتده إذا ارتجعه ) أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ ( يعني قوله ) إِنّى لاجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ( أو قوله :) وَلاَ تَايْئَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ ( ( يوسف : ٨٧ ) وقوله :) إِنِي أَعْلَمُ ( كلام مبتدأ لم يقع عليه القول، ولك أن توقعه عليه وتربد قوله :) إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ( ( يوسف : ٨٦ ) وروي : أنه سأل البشير كيف يوسف ؟ فقال : هو ملك مصر : فقال : ما أصنع بالملك ؟ على أي دين تركته ؟ قال : على دين الإسلام. قال : الآن تمت النعمة.
) قَالُواْ ياأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّى إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (
يوسف :( ٩٧ ) قالوا يا أبانا.....
) سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ ( قيل : أخر الاستغفار إلى وقت السحر. وقيل : إلى ليلة الجمعة ليتعمد به وقت الإجابة. وقيل : ليتعرّف حالهم. في صدق التوبة وإخلاصها. وقيل أراد الدوام على الاستغفار لهم. فقد روي أنه كان يستغفر لهم كل ليلة جمعة في نيف وعشرين سنة. وقيل : قام إلى الصلاة في وقت السحر، فلما فرغ رفع يديه وقال : اللهم اغفر لي جزعي على يوسف وقلة صبري عنه، واغفر لولدي ما أتوا إلى أخيهم، فأوحى إليه : إنّ الله قد غفر لك ولهم أجمعين. وروي أنهم قالوا له وقد علتهم الكآبة : ما يغني عنا