" صفحة رقم ٤٩ "
حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِى ذالِكُمْ لاٌّ يَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (
الأنعام :( ٩٩ ) وهو الذي أنزل.....
فَأَخْرَجْنَا بِهِ ( بالماء ) نَبَاتَ كُلّ شَىْء ( نبت كل صنف من أصناف النامي، يعني أن السبب واحد وهو الماء. والمسببات صنوف مفتنة، كما قال :) تَسْقِى بِمَاء واحِدٍ وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الاْكُلِ ( ( الرعد : ٤ ). ) فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ ( من النبات ) خُضْرًا ( شيئاً غضاً أخضر. يقال خضر وخضر، كأعور وعور، وهو ما تشعب من أصل النبات الخارج من الحبة ) يَخْرُجُ مِنْهَا ( من الخضر ) حَبّاً مُّتَرَاكِباً ( وهو السنبل. و ) قِنْوانٌ ( رفع الابتداء. و ) مِنْ النَّخْلِ ( خبره. و ) مِن طَلْعِهَا ( بدل منه، كأنه قيل : وحاصلة من طلع النخل قنوان. ويجوز أن يكون الخبر محذوفاً لدلالة أخرجنا عليه تقديره ومخرجة من طلع النخل قنوان ومن قرأ يخرج منه حب متراكب، كان ) قِنْوانٌ ( عنده معطوفاً على حب. والقنوان : جمع قنو، ونظيره : صنو وصنوان. وقرىء : بضم القاف وبفتحها، على أنه اسم جمع كركب ؛ لأنّ فعلان ليس من زيادة التكسير ) دَانِيَةٌ ( سهلة المجتنى معرضة للقاطف، كالشيء الداني القريب المتناول ؛ ولأنّ النخلة وإن كانت صغيرة ينالها القاعد فإنها تأتي بالثمر لا تنتظر الطول. وقال الحسن : دانية قريب بعضها من بعض. وقيل : ذكر القريبة وترك ذكر البعيدة : لأنّ النعمة فيها أظهر وأدلّ بذكر القريبة على ذكر البعيدة، كقوله :) سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ( ( النحل : ٨١ ) وقوله :) وَجَنَّاتٍ مّنْ أَعْنَابٍ ( فيه وجهان، أحدهما : أن يراد : وثم جنات من أعناب، أي مع النخل. والثاني : أن يعطف على ) قِنْوانٌ ( على معنى : وحاصلة، أو ومخرجة من النخل قنوان وجنات من أعناب، أي من نبات أعناب. وقرىء :( وجنات ) بالنصب عطفاً على ) نَبَاتَ كُلّ شَىْء ( أي : وأخرجنا به جنات من أعناب، وكذلك قوله :) وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ ( والأحسن أن ينتصبا على الاختصاص، كقوله :) وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَواةَ ( ( النساء : ١٦٢ ) لفضل هذين الصنفين ) مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ( يقال اشتبه الشيئان وتشابها، كقولك استويا وتساويا. والافتعال والتفاعل يشتركان كثيراً. وقرىء :( متشابهاً وغير متشابه ) وتقديره : والزيتون متشابهاً وغير متشابه، والرمّان كذلك كقوله :
كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدَيَّ بَرِيًّا
والمعنى : بعضه متشابهاً وبعضه غير متشابه، في القدر واللون والطعم. وذلك دليل على التعمد دون الإهمال ) انْظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ ( إذا أخرج ثمره كيف يخرجه ضئيلاً ضعيفاً لا يكاد ينتفع به. وانظروا إلى حال ينعه ونضجه كيف يعود شيئاً جامعاً لمنافع


الصفحة التالية
Icon