" صفحة رقم ٥١٩ "
قرىء :( ألم تر ) ساكنة الراء، كما قرىء :( من يتق )، وفيه ضعف ) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً ( اعتمد مثلاً ووضعه. و ) كَلِمَةً طَيّبَةً ( نصب بمضمر، أي : جعل كلمة طيبة ) كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ ( وهو تفسير لقوله :) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً ( كقولك : شرّف الأمير زيداً : كساه حلة، وحمله على فرس. ويجوز أن ينتصب ) مَثَلاً ( و ) كَلِمَةَ ( بضرب، أي : ضرب كلمة طيبة مثلاً، بمعنى جعلها مثلاً ثم قال :) كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ ( على أنها خبر مبتدأ محذوف، بمعنى هي كشجرة طيبة ) أَصْلُهَا ثَابِتٌ ( يعني في الأرض ضارب بعروقه فيها ) وَفَرْعُهَا ( وأعلاها ورأسها ) فِى السَّمَاء ( ويجوز أن يريد : وفروعها، على الاكتفاء بلفظ الجنس. وقرأ أنس بن مالك ( كشجرة طيبة ثابت ) أصلها فإن قلت : أيّ فرق بين القراءتين ؟ قلت : قراءة الجماعة أقوى معنى ؛ لأنّ في قراءة أنس أجريت الصفة على الشجرة، وإذا قلت : مررت برجل أبوه قائم، فهو أقوى معنى من قولك : مررت برجل قائم أبوه ؛ لأنّ المخبر عنه إنما هو الأب لا رجل. والكلمة الطيبة : كلمة التوحيد. وقيل : كل كلمة حسنة كالتسبيحة والتحميدة والاستغفار والتوبة والدعوة. وعن ابن عباس : شهادة أن لا إلاه إلا الله. وأما الشجرة فكل شجرة مثمرة طيبة الثمار، كالنخلة وشجرة التين والعنب والرمّان وغير ذلك وعن ابن عمر أنّ رسول الله ( ﷺ ) قال ذات يوم :
( ٥٧١ ) ( إن الله ضرب مثل المؤمن شجرة فأخبروني ما هي ) فوقع الناس في شجر البوادي، وكنت صبياً، فوقع في قلبي أنها النخلة، فهبت رسول الله ( ﷺ ) أن أقولها وأنا أصغر القوم. وروي : فمنعني مكان عمر واستحييت، فقال لي عمر : يا بنيّ لو كنت قلتها لكانت أحبّ إليّ من حمر النعم، ثم قال رسول الله ( ﷺ ) ( ألا إنها النخلة ).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : شجرة في الجنة وقوله :) فِى السَّمَاء ( معناه في جهة العلوّ والصعود، ولم يرد المظلة، كقولك في الجبل : طويل في السماء تريد ارتفاعه وشموخه ) تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ( تعطي ثمرها كل وقت وقته الله لإثمارها ) بِإِذْنِ رَبّهَا ( بتيسير خالقها وتكوينه ) لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( لأن في ضرب الأمثال زيادة إفهام وتذكير وتصوير للمعاني.
) وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الاٌّ رْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (
إبراهيم :( ٢٦ ) ومثل كلمة خبيثة.....
) كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ( كمثل شجرة خبيثة، أي : صفتها كصفتها. وقرىء :( ومثل كلمة ) بالنصب، عطفاً على كلمة طيبة، والكلمة الخبيثة : كلمة الشرك. وقيل : كل كلمة قبيحة.