" صفحة رقم ٥٢٤ "
طاف بالبيت، ولا يقال : دار بالبيت ) إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ النَّاسِ ( فأعوذ بك أن تعصمني وبنيَّ من ذلك، وإنما جعلن مضلات ؛ لأنّ الناس ضلوا بسببهنّ، فكأنهنّ أضللنهم، كما تقول : فتنتهم الدنيا وغرّتهم، أي افتتنوا بها واغتروا بسببها ) فَمَن تَبِعَنِى ( على ملتي وكان حنيفاً مسلماً مثلي ) فَإِنَّهُ مِنّى ( أي هو بعضي لفرط اختصاصه بي وملابسته لي، وكذلك قوله :
( ٥٧٣ ) ( من غشنا فليس منا ) أي ليس بعض المؤمنين، على أنّ الغش ليس من أفعالهم وأوصافهم ) وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( تغفر له ما سلف منه من عصياني إذا بدا له فيه واستحدث الطاعة لي. وقيل : معناه ومن عصاني فيما دون الشرك.
) رَّبَّنَآ إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلواةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مَّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (
إبراهيم :( ٣٧ ) ربنا إني أسكنت.....
) مِن ذُرّيَّتِى ( بعض أولادي وهم إسماعيل ومن ولد منه ) بِوَادٍ ( هو وادي مكة ) غَيْرِ ذِى زَرْعٍ ( لا يكون فيه شيء من زرع قط، كقوله :) قُرْءاناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِى عِوَجٍ ( ( الزمر : ٢٨ ) بمعنى لا يوجد فيه اعوجاج، ما فيه إلا الاستقامة لا غير. وقيل للبيت المحرم، لأنّ الله حرم التعرض له والتهاون به، وجعل ما حوله حرما لمكانه، أو لأنه لم يزل ممنعاً عزيزاً يهابه كل جبار، كالشيء المحرم الذي حقه أن يجتنب، أو لأنه محترم عظيم الحرمة لا يحل انتهاكها، أو لأنه حرّم على الطوفان أي منع منه، كما سُمي عتيقاً لأنه أعتق منه فلم يستول عليه ) لِيُقِيمُواْ الصَّلواةَ ( اللام متعلقة بأسكنت، أي : ما أسكنتهم هذا الوادي الخلاء البلقع من كل مرتفق ومرتزق، إلا ليقيموا الصلاة عند بيتك المحرم، ويعمروه بذكرك وعبادتك وما تعمر به مساجدك ومتعبداتك، متبركين بالبقعة التي شرفتها على البقاع، مستسعدين بجوارك الكريم، متقربين إليك بالعكوف عند بيتك، والطواف به، والركوع والسجود حوله، مستنزلين الرحمة التي آثرت بها سكان حرمك ) أَفْئِدَةً مّنَ النَّاسِ ( أفئدة من أفئدة الناس، ومن للتبعيض، ويدل عليه ما روي عن مجاهد : لو قال أفئدة الناس لزحمتكم عليه فارس والروم، وقيل : لو لم يقل ) مِنْ ( لازدحموا عليه حتى الروم والترك والهند ويجوز أن يكون ) مِنْ ( للابتداء، كقولك : القلب مني سقيم، تريد قلبي، فكأنه قيل : أفئدة ناس،