" صفحة رقم ٥٥٨ "
قلت : لم غير أسلوب الكلام في قوله ) وَمِنْهَا جَائِرٌ ( ؟ قلت : ليعلم ما يجوز إضافته إليه من السبيلين وما لا يجوز، ولو كان الأمر كما تزعم المجبرة لقيل : وعلى الله قصد السبيل وعليه جائرها أو وعليه الجائر. وقرأ عبد الله :( ومنكم جائر ) يعني : ومنكم جائر جار عن القصد بسوء اختياره، والله بريء منه ) وَلَوْ شَآء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ( قسراً وإلجاء.
) هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (
النحل :( ١٠ ) هو الذي أنزل.....
) لَّكُم ( متعلق بأنزل، أو بشراب، خبراً له. والشراب ما يشرب ) شَجَرٌ ( يعني الشجر الذي ترعاه المواشي. وفي حديث عكرمة :
( ٥٨٥ ) لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سحت. يعني الكلأ ) تُسِيمُونَ ( من سامت الماشية إذا رعت، فهي سائمة، وأسامها صاحبها، وهو من السومة وهي العلامة، لأنها تؤثر بالرعي علامات في الأرض. وقرىء :( ( ينبت )، بالياء والنون. فإن قلت : لم قيل ) وَمِن كُلّ الثَّمَراتِ ( ؟ قلت : لأنّ كل الثمرات لا تكون إلا في الجنة، وإنما أنبت في الأرض بعض من كلها للتذكرة ) يَتَفَكَّرُونَ ( ينظرون فيستدلون بها عليه وعلى قدرته وحكمته. والآية : الدلالة الواضحة. وعن بعضهم : ينبت بالتشديد. وقرأ أبيّ بن كعب :( ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب )، بالرفع.
) وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (
النحل :( ١٢ ) وسخر لكم الليل.....
قرئت كلها بالنصب على وجعل النجوم مسخرات أو على أن معنى تسخيرها للناس : تصييرها نافعة لهم، حيث يسكنون بالليل، ويبتغون من فضله بالنهار، ويعلمون عدد السنين والحساب بمسير الشمس والقمر، ويهتدون بالنجوم. فكأنه قيل : ونفعكم بها في حال كونها مسخرات لما خلقن له بأمره. ويجوز أن يكون المعنى : أنه سخرها أنواعاً من التسخير جمع مسخر، بمعنى تسخير، من قولك : سخره الله مسخراً، كقولك : سرحه مسرحاً، كأنه قيل : وسخرها لكم تسخيرات بأمره. وقرىء بنصب ( الليل والنهار ) وحدهما، ورفع ما بعدهما على الابتداء والخبر. وقرىء :( والنجوم مسخرات )، بالرفع، وما قبله