" صفحة رقم ٥٦٠ "
أنهاراً، لأن ) أَلْقَى ( فيه معنى : جعل ألا ترى إلى قوله ) أَلَمْ نَجْعَلِ الاْرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً ( ( النبأ : ٦ ). ) وَعَلامَاتٍ ( هي معالم الطرق وكل ما تستدل به السابلة من جبل ومنهل وغير ذلك. والمراد بالنجم : الجنس، كقولك : كثر الدرهم في أيدي الناس. وعن السديّ : هو الثريا، والفرقدان ؛ وبنات نعش، والجدي. وقرأ الحسن :( وبالنجم )، بضمتين، وبضمة وسكون، وهو جمع نجم، كرهن ورهن، والسكون تخفيف. وقيل حذف الواو من النجوم تخفيفاً. فإن قلت : قوله ) وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ( مخرج عن سنن الخطاب، مقدم فيه ( النجم )، مقحم فيه ( هم )، كأنه قيل : وبالنجم خصوصاً هؤلاء خصوصاً يهتدون، فمن المراد ب ) هُمْ ( ؟ قلت : كأنه أراد قريشاً : كان لهم اهتداء بالنجوم في مسايرهم، وكان لهم بذلك علم لم يكن مثله لغيرهم، فكان الشكر أوجب عليهم، والاعتبار ألزم لهم، فخصصوا.
) أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (
النحل :( ١٧ ) أفمن يخلق كمن.....
فإن قلت :) مَّن لاَّ يَخْلُقُ ( أريد به الأصنام، فلم جيء بمن الذي هو لأولي العلم ؟ قلت : فيه أوجه، أحدها : أنهم سموها آلهة وعبدوها، فأجروها مجرى أولي العلم. ألا ترى إلى قوله على أثره ) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ( ( النحل : ٢٠ ) والثاني : المشاكلة بينه وبين من يخلق. والثالث : أن يكون المعنى أنّ من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولي العلم، فكيف بما لا علم عنده كقوله :) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا ( ( الأعراف : ١٩٥ ) يعني أنّ الآلهة حالهم منحطة عن حال من لهم أرجل وأيد وآذان وقلوب، لأنّ هؤلاء أَحياء وهم أموات، فكيف تصح لهم العبادة ؟ لا أنها لو صحت لهم هذه الأعضاء لصحّ أن يعبدوا. فإن قلت : هو إلزام للذين عبدوا الأوثان وسموها آلهة تشبيهاً بالله، فقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق، فكان حق الإلزام أن يقال لهم : أفمن لا يخلق كمن يخلق ؟ قلت : حين جعلوا غير الله مثل الله في تسميته باسمه والعبادة له وسوّوا بينه وبينه، فقد جعلوا الله تعالى من جنس المخلوقات وشبيهاً بها، فأنكر عليهم ذلك