" صفحة رقم ٥٦٣ "
القواعد : أساطين البناء التي تعمده. وقيل : الأساس وهذا تمثيل، يعني : أنهم سووا منصوبات ليمكروا بها الله ورسوله، فجعل الله هلاكهم في تلك المنصوبات، كحال قوم بنوا بنياناً وعمدوه بالأساطين فأتى البنيان من الأساطين بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف وهلكوا. ونحوه : من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً. وقيل : هو نمرود بن كنعان حين بنى الصرح ببابل طوله خمسة آلاف ذراع. وقيل فرسخان، فأهب الله الريح فخر عليه وعلى قومه فهلكوا. ومعنى إتيان الله : إتيان أمره ) مّنَ الْقَوَاعِدِ ( من جهة القواعد ) مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ( من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون. وقرىء :( فأتى الله بيتهم ). ( فخرّ عليهم السفُفُ )، بضمتين ) يُخْزِيهِمْ ( يذلهم بعذاب الخزي ) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ( ( آل عمران : ١٩٢ ) يعني هذا لهم في الدنيا، ثم العذاب في الآخرة ) شُرَكَائِىَ ( على الإضافة إلى نفسه حكاية لإضافتهم، ليوبخهم بها على طريق الاستهزاء بهم ) تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ( تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم ومعناهم. وقرىء :( تشاقونِ )، بكسر النون، بمعنى : تشاقونني ؛ لأنّ مشاقة المؤمنين كأنها مشاقة الله ) قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ ( هم الأنبياء والعلماء من أممهم الذين كانوا يدعونهم إلى الإيمان ويعظونهم، فلا يلتفتون إليهم ويتكبرون عليهم ويشاقونهم، يقولون ذلك شماتة بهم وحكى الله ذلك من قولهم ليكون لطفاً لمن سمعه. وقيل : هم الملائكة قرىء :( تتوفاهم )، بالتاء والياء. وقرىء :( الذين توفاهم )، بإدغام التاء في التاء ) فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ ( فسالموا وأخبتوا، وجاءوا بخلاف ما كانوا عليه في الدنيا من الشقاق والكبر، وقالوا :) مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوء ( وجحدوا ما وجد منهم من الكفر والعدوان، فردّ عليهم أو لو العلم ) إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( فهو يجازيكم عليه، وهذا أيضاً من الشماتة وكذلك ) فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ (.
) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هاذِهِ الْدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الاٌّ خِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِى اللَّهُ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (
النحل :( ٣٠ ) وقيل للذين اتقوا.....
) خَيْرًا ( أنزل خيراً فإن قلت : لم نصب هذا ورفع الأول ؟ قلت : فصلا بين جواب المقرّ وجواب الجاحد، يعني أن هؤلاء لما سئلوا لم يتلعثموا، وأطبقوا الجواب على السؤال بينا مكشوفاً مفعولاً للإنزال، فقالوا خيراً : أي أنزل خيراً، وأولئك عدلوا بالجواب عن السؤال فقالوا : هو أساطير الأوّلين، وليس من الإنزال في شيء. وروي أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي ( ﷺ )، فإذا جاء الوافد كفه المقتسمون وأمروه بالانصراف وقالوا : إن لم تلقه كان خيراً لك، فيقول : أنا شرّ وافد إن رجعت إلى قومي دون أن أستطلع أمر محمد وأراه، فيلقى أصحاب رسول الله ( ﷺ ) فيخبرونه بصدقه،


الصفحة التالية
Icon