" صفحة رقم ٥٦٨ "
أرسلنا إلا رجالاً بالبينات، كقولك : ما ضربت إلا زيداً بالسوط ؛ لأن أصله : ضربت زيداً بالسوط وإما برجالا، صفة له : أي رجالاً ملتبسين بالبينات. وإما بأرسلنا مضمراً، كأنما قيل : بما أرسلوا : ففلت بالبينات، فهو على كلامين، والأوّل على كلام واحد، وإما بيوحي، أي : يوحي إليهم بالبينات. وإما بلا تعلمون، على أن الشرط في معنى التبكيت والإلزام، كقول الأجير : إن كنت عملت لك فأعطني حقي. وقوله :) فَاسْئَلُواْ أَهْلَ الذّكْرِ ( اعتراض على الوجوه المتقدّمة، وأهل الذكر : أهل الكتاب. وقيل للكتاب الذكر ؛ لأنه موعظة وتنبيه للغافلين ) مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ ( يعني ما نزل الله إليهم في الذكر مما أمروا به ونهوا عنه ووعدوا وأوعدوا ) وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( وإرادة أن يصغوا إلى تنبيهاته فيتنبهوا ويتأملوا.
) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الاٌّ رْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِى تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (
النحل :( ٤٥ - ٤٧ ) أفأمن الذين مكروا.....
) مَكَرُواْ السَّيّئَاتِ ( أي المكرات السيئات، وهم أهل مكة، وما مكروا به رسول الله ( ﷺ ) ) فِى تَقَلُّبِهِمْ ( متقلبين في مسايرهم ومتاجرهم وأسباب دنياهم ) عَلَى تَخَوُّفٍ ( متخوفين، وهو أن يهلك قوماً قبلهم فيتخوّفوا فيأخذهم بالعذاب وهم متخوفون متوقعون، وهو خلاف قوله ) مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ( وقيل : هو من قولك : تخوفنه وتخونته، إذا تنقصته قال زهير : تَخَوَّفَ الرَّحْلُ مِنْهَا تَامِكاً قَرِدا
كَمَا تَخَوَّفَ عُودَ النّبْعةِ السَّفَنُ
أي يأخذهم على أن يتنقصهم شيئاً بعد شيء في أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا. وعن عمر رضي الله عنه. أنه قال على المنبر : ما تقولون فيها ؟ فسكتوا فقام شيخ من هذيل فقال : هذه لغتنا : التخوّف التنقص. قال : فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ قال : نعم، قال شاعرنا. وأنشد البيت. فقال عمر : أيها الناس، عليكم بديوانكم لا يضل. قالوا : وما ديواننا ؟ قال : شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم ) فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءوفٌ رَّحِيمٌ ( حيث يحلم عنكم، ولا يعاجلكم مع استحقاقكم.
) أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَىْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (
النحل :( ٤٨ ) أو لم يروا.....
قرىء :( أو لم يروا ) و ( يتفيؤا ) بالياء والتاء. و ) مَا ( موصولة بخلق الله، وهو مبهم